الموسّع ـ كالصّلاة في أوّل الوقت ـ للمضيّق ـ كالإزالة ـ فقال : بفساد الموسّع ، بناء على الاقتضاء ـ فكأنّه يقيّد إطلاق أمر «صلّ» مثلا ، بغير صورة المزاحمة ، وإلّا لزم انطباق الواجب على الحرام ـ وقال بصحّته بناء على عدم الاقتضاء حتّى في فرض احتياج العبادة إلى الأمر وعدم كفاية مجرّد الرّجحان والمحبوبيّة للمولى ؛ وذلك ، لأنّ الأوامر تتعلّق بالطّبائع المعرّاة عن جميع الخصوصيّات دون الأفراد ، كما هو الحقّ المختار ، على ما سيأتي.
وعليه : فيقصد المكلّف الأمر المتعلّق بطبيعيّ الصّلاة ـ مثلا ـ والأمر بالطّبيعة يكون حسنا صحيحا إذا كان بعض أفرادها مقدورا ، كالفرد الّذي لا يزاحم الواجب المضيّق ، وعليه ، فالفرد المزاحم ، كالصّلاة في أوّل الوقت وإن لم يكن مقدورا مأمورا به ، إلّا أنّه ينطبق عليه طبيعيّ الصّلاة المأمور به قهرا ، ومع الانطباق القهريّ يحصل الامتثال بقصد الأمر المتعلّق بالطّبيعيّ.
وبعبارة اخرى : الانطباق هنا قهريّ ، والإجزاء عقليّ ، ومن هنا ، يظهر الفرق بين هذه الصّورة ، والصّورة السّابقة وهي المزاحمة للأهمّ ؛ إذ لا يكون هناك فرد مقدور غير مزاحم كي يتصوّر الأمر بالطّبيعيّ لأجل ذلك ، فيحصل الامتثال بقصد هذا الأمر ، بل الفرد المقصود هناك ليس إلّا ما هو المزاحم للأهمّ ، والمفروض ، أنّه غير مقدور ، وعليه ، فلا أمر في البين كي يقصد حين الامتثال. (١)
فتحصّل ممّا ذكره المحقّق الثّاني قدسسره : أنّ الفرد المزاحم في سعة الوقت كان منهيّا عنه ؛ بناء على الاقتضاء ولا ينطبق عليه المأمور به ، وإلّا لزم انطباق الواجب على
__________________
(١) راجع ، جامع المقاصد : ج ٥ ، ص ١٣ و ١٤.