وليس الأمر كذلك ؛ ضرورة ، صحّة الحمل بدون ذلك ؛ ثانيهما : أنّ وضع اللّفظ ، كعلم الجنس ، لخصوص معنى يحتاج إلى تجريده عن خصوصيّته دائما عند الاستعمال ، وهذا ممّا لا يكاد يصدر عن جاهل ، فضلا عن الواضع الحكيم ؛ لكونه لغوا محضا ، فلا يعقل أن يوضع لفظ لمعنى لم يستعمل فيه أبدا ، كما لا يخفى. (١)
فحاصل ما اختاره قدسسره هو عدم الفرق بين اسم الجنس وعلمه من ناحية المعنى ، بل الفرق من جهة المعاملة مع علم الجنس معاملة المعرفة وإجراء أحكامها عليه ، كإجراء أحكام التّأنيث على بعض الألفاظ مع عدم التّأنيث فيه حقيقة ، كالرّجل واليد والعين والاذن ونحوها.
ويدلّ عليه ، ما عرفت : من عدم إمكان أخذ الخصوصيّة الذّهنيّة في معناه ، والإنصاف ، أنّ ما أفاده قدسسره متين جدّا ، يساعده الارتكاز ، ويصدّقه الاستعمال المتعارف من أرباب اللّسان.
وعليه ، فما حكى شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره عن المحقّق العراقي قدسسره من المناقشة في كلام المحقّق الخراساني قدسسره بأنّه إنّما يتوجّه لو كان الموضوع له هي الماهيّة المقيّدة بالإشارة الذّهنيّة ؛ وأمّا لو قلنا : بأنّه هي الطّبيعة المقرونة بالإشارة المصاحبة لها لا المقيّدة بها ، فلا يتوجّه الإيراد ؛ لأنّ المفهوم الكذائي قابل الصّدق والانطباق على الخارج وله نحو تعيّن بالإشارة من دون الأخذ في الوضع ، ومن هنا يفارق علم الجنس عن اسمه ، حيث إنّ علم الجنس موضوع للماهيّة التّوأمة مع الإشارة من دون اعتبارها فيها حسب الوضع ، بحيث تكون جزءا للموضوع له ، بخلاف اسم الجنس ،
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٧٩.