المعلول بلا علّة ، وهذا ممّا لا يتفوّه به أحد حتّى الأشعري القائل بالجواز في المسألة والمنكر للحسن والقبح العقليّين.
هذا ، ولكن قد التزم المحقّق الخراساني قدسسره (١) بأنّه لو اريد من الأمر مرتبة الإنشاء ، ومن الضّمير الرّاجع إليه مرتبة الفعليّة ، بأن يكون النّزاع في وقوع إنشاء الأمر مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعليّة لفقد شرطه ، فلا محذور في اختيار وقوع ذلك الأمر الإنشائي ؛ إذ الشّرط المفروض كونه من أجزاء العلّة إنّما هو للأمر بمرتبته الفعليّة ، لا الإنشاء حتّى يلزم المحذور العقلي من وقوع المعلول بلا علّة.
وفيه : أنّ محلّ الكلام إنّما هي الأوامر الحقيقيّة والإنشاءات الجدّية بداعي البعث والتّحريك ، وهذا لا يمكن مع العلم بانتفاء شرط الأمر.
وأمّا شرط المأمور به ، فلأنّ النّزاع حينئذ يرجع إلى أنّه ، هل يمكن وقوع التّكليف بما لا يكون مقدورا حين الامتثال ، أم لا؟ وما أظنّ أن يلتزم أحد بإمكان وقوع هذا التّكليف ، كيف ، وأنّ العقل يستقلّ في الحكم بقبح ذلك ؛ هذا في الخطابات الشّخصيّة.
وأمّا الخطابات القانونيّة ، فبناء على القول بالانحلال فيها ـ بحيث يتعدّد الخطاب بتعدّد المكلّفين ـ تلحق بالخطابات الشّخصيّة ، فيحكم فيها ـ أيضا ـ بعدم إمكان الوقوع لجريان الملاك المتقدّم هنا بعينه.
وأمّا بناء على القول بعدم الانحلال ، فيفصّل بين ما إذا كان الآمر عالما بانتفاء الشّرط لعامّة المكلّفين ، فيحكم هنا ـ أيضا ـ بعدم إمكان الوقوع ؛ لما مرّ من لزوم
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٢٢١.