للوجوب بلازمه ، حيث إنّ الإذن في الفعل مع المنع من التّرك يعدّ من لوازم وجوب الفعل.
أمّا الاستصحاب ، فلأنّه أوّلا : مبتن على القول بالتّركيب في الوجوب ، وقد عرفت المنع فيه.
وثانيا : لو سلّم ذلك ، فإنّما هو من قبيل القسم الثّالث من استصحاب الكلّيّ المختلّ فيه أركانه ، على ما قرّره المحقّق سلطان العلماء قدسسره ، ونعم ما أفاده في ذلك ، حيث قال : «الجنس لا يتحقّق إلّا بتحقّق الفصل ، فإذا رفع الفصل المعلوم تحقّق الجنس في ضمنه ، رفع ذلك التّحقّق المعلوم قطعا ، وما لم يتحقّق وجود فصل آخر لم يحصل العلم بوجود الجنس ، ولو حصل العلم بوجود فصل آخر لم يكن هذا استصحابا لذلك الوجود ، بل يكون علما جديدا بالوجود اللّاحق ، وحينئذ نقول فيما نحن فيه : إذا رفع بالنّسخ ، المنع من التّرك الّذي هو بمنزلة الفصل فيما نحن فيه ، رفع تحقّق الجواز المعلوم تحقّقه ، فبطل استصحابه قطعا فما لم يعلم تجدّد فصل آخر لم يعلم تحقّق الجواز». (١)
وثالثا : لو أغمضا عن هذا الإشكال ، لكان هنا إشكال آخر يمنع عن جريان الاستصحاب وهو أنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون حكما شرعيّا أو موضوعا ذا حكم شرعيّ ، ومن المعلوم : أنّ الجواز الجامع ليس كذلك ، بل هو منتزع من المجعول ، حيث إنّ العقل ينتزع الجواز من الوجوب والجعل الإلزامي.
وعليه : فلو نسخ الوجوب لم يكن هناك دليل على ثبوت حكم آخر ولو كان هو الجواز الجامع ، فإن أقيم من الخارج دليل اجتهاديّ من إطلاق أو عموم ، فهو المرجع ، وإلّا فالمرجع هو الأصل العمليّ وهو يختلف حسب اختلاف الموارد.
__________________
(١) معالم الاصول : ص ٨٤.