العقوبة على المخالفة كالقطع ، إلّا أنّه لا نقول به في الشّبهة البدويّة ، ولا يكون بنقليّ في المقرونة بالعلم الإجمالي ، فافهم» (١).
هذا ، ولكن لنا جواب آخر عنه ، وهو أنّ الاحتياط ليس إلّا إتيان جميع المحتملات كي يتحقّق الامتثال على كلّ تقدير ، فليس فيه جهة كشف وحيثيّة حكاية حتّى يقوم مقام القطع في حكمه ، وليس هو ـ أيضا ـ نفس حكم العقل أو الشّرع ـ كما عن المحقّق الخراساني قدسسره ـ بل العقل يحكم بلزوم الاحتياط أو يدرك لزومه ، وكذا الشّرع.
وعليه : فليس الاحتياط إلّا نفس الإتيان المذكور ، لا نفس الحكم ، ولا شيئا كالقطع ، يقوم مقامه ، ولعلّ قول المحقّق الخراساني قدسسره : «فافهم» إشارة إلى هذا الجواب الّذي ذكرناه ، أو إلى أنّ الرّوايات بالنّسبة إلى الشّبهات المقرونة بالعلم الإجمالي تكون إشارات إلى حكم العقل.
المورد الثّاني : في الاصول المحرزة وهي قد تسمّى بالاصول التّنزيليّة ، نظير الاستصحاب وقاعدة التّجاوز والفراغ واليد ؛ والبحث عن قيام هذه الاصول مقام القطع ، يستدعي التّكلّم في كلّ واحد من تلك الأقسام المذكورة.
فنقول : أمّا الاستصحاب ، فقيامه مقام القطع أو عدم قيامه ، مبنيّ على البحث في أنّه ، هل يكون أمارة ، أو أصلا؟ والتّحقيق في ذلك يحتاج إلى ذكر مستند كلّ واحد من احتمال كون الاستصحاب أمارة ، أو أصلا.
أمّا احتمال كونه أمارة ، فيمكن استناده إلى أنّ جعل الأماريّة لكلّ شيء
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٣.