هذا ، ولكنّ يمكن أن يقال : بإمكان التّصالح والتّوفيق بين هذين الرّأيين ، بأنّ المحذور إمّا ملاكيّ أو خطابيّ ، والخطابيّ على أنحاء ثلاثة : منها : ما هو راجع إلى نفس الخطاب ؛ ومنها : إلى مبدئه ؛ ومنها : إلى لازمه.
وبعبارة اخرى : إنّ المحاذير الثّلاثة الّتي جعلها الإمام قدسسره قسيمة للمحذور الملاكيّ كلّها خطابيّة راجعة إلى الخطاب نفسه ومبدئه ولازمه. وعليه ، فترجع الأقسام الأربعة إلى القسمين وهما الملاكيّ والخطابيّ.
نعم ، عدّ الإلقاء والتّفويت من المحذور الخطابيّ ومن لوازم الخطابات ، إنّما هو باعتبار كونهما في طول الخطاب ، وإلّا فهما أمران قبيحان محذوران للمخاطب (بالكسر) ، فيكون المحذور إذا ملاكيّا أو خطابيّا أو مخاطبيّا.
وإن شئت ، فقل : إنّ محذور الإلقاء في المفسدة وتفويت المصلحة خطابيّ باعتبار ، ومخاطبيّ باعتبار آخر ، كما يمكن أن يكون ملاكيّا باعتبار ثالث ، بمعنى : أنّه يكون محذورا ناشئا من الملاك ، ولولاه لم يلزم التّفويت والإلقاء ، كما هو واضح.
ثمّ إنّ في المقام قسم آخر من المحذور ـ أيضا ـ يسمّى بنقض الغرض وهو المحذور الّذي يلزم من ناحية الآمر أو النّاهي المخاطب ، بتقريب ، أنّ الغرض من الأمر هو تحصيل العبد للمصلحة وتلبّسه بها ، والغرض من النّهي هو تبعّده عن المفسدة والتّحرز عنها ، فلو جاز التّعبّد بالأمارة غير العلميّة وورود الأمر به من جانب الشّرع ، لزم نقض الغرض والتّلبّس بالمفسدة ، أو التّبعّد عن المصلحة عند المخالفة وعدم الإصابة للواقع.
ولا يخفى عليك : أنّ محذور اجتماع الضّدّين أو النّقيضين إنّما يلزم لو خالفت