اللّفظ الكذائي ، هل له ظهور في المعنى الكذائي ، أم لا؟ نظير لفظ : «الصّعيد» حيث يبحث فيه أنّه هل يكون ظاهرا في التّراب الخالص أو في مطلق وجه الأرض؟ ونظير صيغة الأمر والنّهي ، حيث يبحث فيها أنّها هل تكون ظاهرة في الوجوب والحرمة ، أم لا؟ ونظير كلمة : «يطهرن» حيث يبحث فيها أنّها هل تكون ظاهرة في مجرّد النّقاء من الحيض وإن لم تغتسل ، أم لا؟
والوجه في كون البحث السّابق كبرويّا ، هو أنّه متكفّل لحجّيّة الظّاهر ، بأنّ ظهور اللّفظ الكذائي في معناه ، هل هو حجّة أم لا؟
إذا عرفت ذلك ، فنقول : قد وقع الخلاف بين الأعلام في أنّه ، هل يصحّ الرّجوع إلى قول اللّغوي في تعيين الظّاهر ، أم لا؟ نسب إلى المشهور (١) حجّيّة قول اللّغوي بالخصوص في تعيين الأوضاع ، ولكنّ الحقّ عدم حجّيّته ، إلّا إذا حصل منه الوثوق.
وقد استدلّ للقول بالحجّيّة بوجوه :
الأوّل : الإجماع العملي من العلماء واتّفاقهم على حجّيّة قول اللّغويّين برجوعهم إليهم في استكشاف المعنى ، واستشهادهم بقولهم في مقام الاحتجاج وقطع مادّة المخاصمة واللّجاجة ، بلا نفي وإنكار بل مع قبول واستقبال.
وفيه : أنّ عملهم بقول اللّغويّين لو سلّم ، لا يترتّب عليه فائدة ؛ إذ أوّلا : يحتمل قويّا كون عملهم لأجل حصول الاطمئنان ، لا مطلقا ، كما يحصل ذلك عند المراجعة إذا اتّفقوا على معنى من المعاني وكان من المسلّمات عندهم ، ولعلّه لذلك قال المحقّق الخراساني قدسسره : «إنّ الاتّفاق لو سلّم ، اتّفاقه فغير مفيد» (٢).
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٦٥.
(٢) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٦٧.