الوجه الرّابع : دليل حجّيّة خبر الواحد.
وفيه : ما سيأتي التّحقيق من عدم تماميّة هذا الدّليل ، مضافا إلى أنّ اللّغوي ليس مخبرا عن تعيين الظّاهر كي يؤخذ بقوله من باب حجّيّة خبر الواحد (بناء على حجّيّته في الموضوعات ـ أيضا ـ) بل هو من العادّين لموارد الاستعمال مجازا كان أو حقيقة.
الوجه الخامس : دليل حجّيّة قول أهل الخبرة.
وفيه : أنّ اللّغوي ليس من الخبراء في تعيين الظّواهر بالقرائن أو بالأوضاع ، بل هو ـ كما عرفت آنفا ـ ممّن يحصى موارد الاستعمال ، سواء كان حقيقيّا أو مجازيّا ، كما لا يخفى ، وليس في كتب اللّغة غير هذا ، فلو كان من أهل الخبرة لكان في هذه المرحلة فقط. اللهمّ إلّا أن يقال : الحقيقة هو الأصل في الاستعمال ، وهذا كما ترى ، ولم يقل به أحد إلّا السّيّد المرتضى قدسسره (١) مع أنّه يحتمل أن يكون مراده هو الاستعمال المطلق لا مطلق الاستعمال ، فتأمّل وراجع كلامه.
الوجه السّادس : الانسداد الصّغير ، بتقريب : أنّ أصل معاني اللّغات والألفاظ وإن كان معلوما في الجملة في بعض الموارد ، إلّا أنّها تكون مجهولة من حيث اتّساع دائرة انطباقها وعدم اتّساعها ، فلا بدّ من الرّجوع إلى كتب أهل اللّغة حتّى ينكشف لنا ، ما هو المراد من اللّغات الّتي تكون موضوعة لأحكام الشّرعيّة ، وإلّا لزم الرّجوع ، إمّا إلى الاحتياط ، فيلزم العسر والحرج ، أو إلى الاصول النّافية ، كالبراءة ، فيلزم الخروج عن الدّين.
__________________
(١) راجع ، الذّريعة إلى اصول الشّريعة ، ج ١ ، ص ١٣.