وفيه : أنّ انسداد باب العلم في بعض اللّغات والموضوعات ، إن استلزم انسداد باب العلم بمعظم الأحكام ، رجع ذلك إلى الانسداد الكبير الموجب ـ لو تمّ ـ لحجّيّة مطلق الظّن ، لا خصوص الظّنّ الحاصل من قول اللّغوي ؛ وإن استلزم انسداد باب العلم ببعض الأحكام ـ بحيث لو رجعنا فيه إلى الاحتياط أو إلى الأصل النّافي لم يلزم محذور من العسر والحرج أو الخروج من الدّين ـ لم يؤثّر شيئا ، ولم يوجب اعتبار الظّنّ أصلا.
والإنصاف : عدم الاستلزام إلّا في بعض الأحكام ، بحيث لا يلزم من الأخذ بالقواعد في ذلك البعض محذور أصلا.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «فيه ما لا يخفى : إذ لو استلزم انسداد باب العلم بمعاني الألفاظ ، الانسداد الكبير في باب الأحكام بحيث يلزم تعطيل الدّين رأسا لو جرى الأصل النّافي كالبراءة ، أو يلزم العسر والحرج لو اخذ بالاحتياط ، فالأمر كما ذكر ، أعني : وجوب العمل بقول اللّغوي ، لكن من باب حجّيّة مطلق الظّنّ ، وإلّا فلا وجه لحجّيّة قوله والتّنزّل من العلم إلى الظّنّ في امتثال الأحكام ، بل يجري في موارد الجهل وعدم العلم من هذه النّاحية أصل البراءة بلا لزوم تعطيل في أحكام الشّريعة أو يؤخذ بالاحتياط بلا لزوم عسر وحرج» (١).
هذا كلّه مع ما عرفت من : أنّ اللّغوي ليس من خبراء تشخيص الأوضاع ومعرفة الحقائق وتمييز المجازات منها ، بل هو من أهل التّتبع والإحصاء لموارد
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.