ويترك الشّاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ؛ وإنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده ، فيتّبع ؛ وأمر بيّن غيّه ، فيجتنب ؛ وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ...» (١).
بتقريب : أنّ المراد من قوله عليهالسلام : «المجمع عليه» هو المشهور لا الإجماع المصطلح ، وتشهد على ذلك قرينة المقابلة وهي قوله عليهالسلام : «ويترك الشّاذ الّذي ليس بمشهور» ، ومن المعلوم ، أنّ مقتضى إطلاق المشهور شموله للشّهرة الفتوائيّة ـ أيضا ـ وحينئذ تدلّ المقبولة على اعتبار هذه الشّهرة وحجّيّتها.
وفيه : أوّلا : أنّ المراد من «المجمع عليه» هو المجمع على صدوره من المعصوم عليهالسلام وهو الخبر المعلوم صدوره ، أو المطمئن بصدوره في قبال «الشّاذ النّادر» غير المعلوم صدوره أو غير المطمئن بصدوره ؛ ويدلّ على ذلك قوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» حيث علّل عليهالسلام : «المجمع عليه» بكونه ممّا لا ريب فيه ، وهذا لا يصدق إلّا على ما علم صدوره أو اطمئنّ بصدوره ، كما يدلّ على ذلك ـ أيضا ـ قوله عليهالسلام : «الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده ، فيتّبع ؛ وأمر بيّن غيّه ، فيجتنب ؛ وأمر مشكل ، يردّ علمه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم» حيث طبّق عليهالسلام الأمر البيّن على الخبر المجمع عليه ، فيكون معلوم الصّدور المقتضى لكونه حجّة قطعا ، وفي قباله الخبر الشّاذ الّذي يكون من قبيل الأمر المشكل ، فيكون غير معلوم الصّدور فلا يكون حجّة ، أو يكون لا حجّة.
وثانيا : لو سلّم كون المراد من «المجمع عليه» هو المشهور ، لكن إطلاقه
__________________
(١) الاصول من الكافي : ج ١ ، باب اختلاف الحديث ١٠ ، ص ٦٧ و ٦٨.