بالنّسبة إلى ما أخبره العادل ، ونتيجة ذلك ، هو حجّيّة خبره ، ولكن مقتضى التّعليل في الذّيل ، وجوب التّبيّن بالنّسبة إلى كلّ خبر لا يؤمن الوقوع في النّدم من العمل به ، بلا فرق بين أن يكون المخبر عادلا أو فاسقا ، ونتيجة ذلك ، هو عدم حجّيّة خبر العادل ـ أيضا ـ فيقع التّعارض بينهما ، وحيث كان التّرجيح إذا مع ظهور التّعليل ، فيمنع عن اقتضاء الآية لأخذ المفهوم.
هذا ، ولكن قد يقال : في دفع هذا الإيراد ، بأنّ النّسبة بين المفهوم والعلّة ، عموم مطلقا ؛ وذلك ، لانحصار المفهوم في حجّيّة خبر العدل الّذي لا يفيد العلم ، فهو أخصّ مطلقا ، والعلّة تعمّ كلّ ما لا يفيد العلم من خبر العدل وغيره ، فهو أعمّ مطلقا ، فيخصّص بالمفهوم وينتج حجّيّة خبر العدل بلا شبهة.
وفيه : أنّ تقديم الأخصّ ـ وإن كان مفهوما ـ على الأعمّ ـ وإن كان منطوقا ـ وحمل الأعمّ عليه بتخصيصه به ، أمر مسلّم ، إلّا أنّه يتمّ في فرض ثبوت المفهوم الاخصّ ، وقد عرفت : أنّ اقتران المنطوق في الآية بالعلّة ، مانع عن تحقّق المفهوم الأخصّ البتّة.
وإن شئت ، فقل : إنّه لا مفهوم في البين حتّى يقع التّعارض بينه وبين عموم العلّة حتّى يعالج بجعل النّسبة بينهما عموما مطلقا فيخصّص عام العلّة بخاصّ المفهوم.
والتّحقيق : يقتضي أن يقال : في دفع ذلك الإيراد ، بأنّ عموم التّعليل ومنعه عن حصول المفهوم إنّما يتأتّى بناء على كون المراد من الجهالة هو الجهل وعدم العلم بالواقع المشترك بين خبر العادل والفاسق ، وأمّا بناء على كون المراد منها هي السّفاهة الّتي يقابل البصيرة والتّثبّت والتّأمّل ، فلا يمنع عموم التّعليل عن حصول