التّبيّن منتفيا بانتفاء موضوعه» (١).
وجه ظهور الضّعف ، هو أنّه لا معنى لكون وجوب التّبيّن حكما للفاسق ، فلا يصحّ أن يقال : يجب التّبيّن عن الفاسق ، بل هو حكم لخصوص النّبأ والخبر ، لكن لا مطلقا ، بل على تقدير كون الجائي به هو الفاسق لا غيره ، كما أنّ الموضوع لحكم وجوب التّصدّق في المثال الّذي أشار إليه بعض الأعاظم قدسسره بقوله : «إن أعطاك زيد درهما فتصدّق به» هو الدّرهم لا زيد ، فيصير المعنى هو أنّه يجب عليك التّصدّق بالدّرهم لكن على تقدير إعطاء زيد إيّاك ، لا مطلقا ، فلا معنى لكون وجوب التّصدّق حكما لزيد ولا يصحّ أن يقال : زيد يجب التّصدّق به ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا : إن جاءك زيد ، فأكرمه ، فإنّ وجوب الإكرام يكون حكما لزيد ، فيصحّ أن يقال : زيد يجب إكرامه ، أو واجب الإكرام.
فتحصّل : أنّ دلالة الآية على المفهوم وهو عدم وجوب التّبيّن عن النّبأ على تقدير عدم مجيء الفاسق به ، تكون تامّة غير قاصرة ، فلا مجال لمنع المقتضي للدّلالة والقول بالقصور من هذه النّاحية. هذا كلّه في الوجه الأوّل من الإيراد على الآية (عدم وجود المقتضي لأخذ المفهوم) والرّد عليه.
أمّا الوجه الثّاني (وجود المانع عن انعقاد المفهوم) فتقريبه : أنّ المفهوم لو سلّم انعقاده ، يعارضه عموم التّعليل ـ في ذيل الآية ـ بإصابة القوم بجهالة ، بناء على كون الجهالة ، بمعنى : عدم العلم بالواقع المشترك بين العادل والفاسق.
وجه المعارضة هو أنّ مقتضى المفهوم على ما قرّر آنفا ، عدم وجوب التّبيّن
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ١٦١.