بقتله ، فرجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : إنّهم منعوا صدقاتهم ، وكان الأمر بخلافه ، وغضب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهمّ أن يغزوهم ، فنزلت الآية» (١).
وقد أجيب عنه ، أوّلا : بأنّه لم يثبت من طرقنا أنّ الأصحاب عملوا بخبر الوليد ؛ وثانيا : بأنّه لو سلّم ذلك ، لم يكن عملهم مع التّرديد والتّشكيك في ارتداد الوليد ، بل لعلّهم كانوا عالمين معتقدين بوثاقته وعدالته ، أو كانوا غافلين في تلك الحال عن فسقه وخروجه عن حريم العدالة ، ولذا اعتمدوا على خبره وأرادوا تجهيز الجيش على قتال بني المصطلق.
وفيه : أنّ المذكور في القصّة على ما حكاها المفسّرون ومنهم الطّبرسي قدسسره هو أنّ شخص الوليد رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : إنّهم منعوا صدقاتهم ، مع أنّ الأمر خلاف ذلك ، فغضب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهمّ أن يغزوهم ، وأنت ترى ، أنّه لا عين ولا أثر في القصّة ، من عمل الأصحاب بخبر الوليد حتّى يشكل بأنّ الأصحاب الّذين هم عقلاء كيف عملوا بخبره ، مع أنّ العمل به بلا تبيّن يكون جهالة وسفاهة. ويجاب عنه ، بأنّ عملهم كان إمّا لأجل اعتقادهم بعدالته ، أو لغفلتهم عن فسقه ، بل القصّة صريحة في كون الوليد مبعوثا إلى بني المصطلق من جانب نبيّ الرّحمة صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّ شخصه رجع إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبره بارتدادهم بمنع صدقاتهم.
لا يقال : كيف أرسل الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل هذا الشّخص الفاسق لأخذ الصّدقات وجعله وكيلا لنفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم لهذه العمليّة الّتي تحتاج إلى كون العامل لها شخصا أمينا موثّقا.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٣٢.