لأنّه يقال : إنّ القضيّة شخصيّة خارجيّة لا تعلم بجميع أبعادها وخصوصيّاتها ، إلّا أنّ أصل نزول الآية المباركة في قصّة الوليد ، أمر مسلّم ويكون مستفيضا من طرق الفريقين.
وكيف كان ، ظاهر القصّة يقتضي همّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للغزو مع بني المصطلق ، ولكن ظاهر الآية يقتضي همّ الأصحاب لذلك ، ولعلّ أساطين الاصول الّذين تصدّوا لجواب الإشكال المقدّم ، نظروا إلى ظاهر الآية ولم يعتمدوا إلى مقتضي القصّة المذكورة ، ولعلّ القصّة بنظرهم مجعولة لتنزيه الوليد وتطهيره من الفسق والخباثة.
ثمّ إنّ المحقّق النّائيني قدسسره قد أنكر المعارضة بين المفهوم وبين عموم التّعليل حتّى في فرض كون الجهالة بمعنى : الجهل المقابل للعلم ، لا بمعنى السّفاهة ؛ وذلك ، لا لأجل تخصيص مفهوم الجملة الشّرطيّة لعموم العلّة كي يقال : بإبائه عن التّخصيص بالمرّة ، بل لأجل حكومة المفهوم على عموم العلّة ، نظرا إلى أنّ عموم العلّة يقتضي عدم جواز العمل بغير العلم ، والمفهوم يقتضي كون خبر العدل علما تعبّدا وتشريعا ، فيكون العموم محكوما للمفهوم. ومن المعلوم ، أنّ المحكوم ولو كان أظهر أو كانت النّسبة بينه وبين الحاكم عموما من وجه ، لا يعارض الحاكم المتصرّف في عقد وضعه بالتّوسعة والإدراج ، أو بالتّضيق والإخراج ، كالمفهوم في الآية المضيّق لموضوع عام العلّة والمخرج لخبر العادل عنه بجعله علما تعبّدا وتشريعا. (١)
هذا ، ولكن يورد عليه : بأنّ معنى الحكومة هو النّظر والشّرح ، بالتّوسعة أو
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٧٢ و ١٧٣.