التّضييق في الموضوع بلحاظ ما له من الأثر والحكم في الدّليل المحكوم ، بمعنى : أنّ دليل الحاكم ، تارة يثبت ذلك الأثر لغير موضوعه ـ أيضا ـ بلسان إثبات الموضوع ، نظير «الطّوف بالبيت صلاة» ، فتوجب التّوسعة لدائرة الموضوع وإدراج غيره فيه ؛ واخرى ينفيه عن بعض مصاديق الموضوع بلسان نفي الموضوع ، نظير «لا ربابين الوالد والولد» فيوجب التّضيق لدائرة الموضوع وإخراج بعض مصاديقه عنه ، فإذا لا تنطبق الحكومة على المفهوم بالنّسبة إلى عموم العلّة ؛ إذ عرفت : أنّ المستفاد في مورد الحكومة هو إثبات الموضوع أو نفيه أوّلا ، ثمّ إثبات الحكم أو نفيه ثانيا ؛ والأمر في الآية على العكس ؛ لأنّ المستفاد من منطوق الآية أوّلا : هو وجوب التّبيّن عن خبر الفاسق ؛ وثانيا : عدم اعتباره شرعا ، فيكون مفاد المفهوم أوّلا : عدم وجوب التّبيّن عن خبر العادل ؛ وثانيا : اعتباره علما شرعا ، فإذا يكون المفهوم مخصّصا لعموم العلّة ، لا حاكما عليه. وقد علمت : أنّ التّخصيص ممّا يأباه عموم التّعليل ، فيعود محذور المعارضة ومنع عموم التّعليل عن انعقاد المفهوم.
وقد ظهر ممّا ذكرناه ، أنّ الجواب الصّحيح عن إيراد المعارضة هو ما أشرنا سابقا ، من أنّ معنى : الجهالة هي السّفاهة ، لا الجهل وعدم العلم بالواقع كي يوجب عدم الفرق بين خبر العادل والفاسق في وجوب التّبيّن.
هذا ، ولكن الّذي يسهّل الخطب ، أنّ الآية ليست في مقام بيان أنّ «خبر كذا» حجّة و «خبر كذا» ليس بحجّة ، بل تكون ناظرة إلى النبأ والخبر الخطير المهمّ الّذي لا ينبغي في مثله الإقدام والاقتحام بلا تثبّت ورويّة ، بل لا بدّ فيه من التّبيّن كي لا يلزم الإصابة بالجهالة والإصباح بالنّدامة ، وهذا لا فرق فيه بين الفاسق والعادل بلا شبهة ،