وأمّا تخصيص الفاسق بالذّكر ، فلأجل التّنبيه على فسق الوليد البتّة.
ويشهد على كون معنى النّبأ هو الخبر الخطير ، قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)(١) وقوله عزوجل : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)(٢) وقوله جلّ جلاله : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ)(٣)
فتحصّل : أنّ آية النّبأ لا تدلّ على حجّيّة الخبر الواحد ، أو لا تكون ظاهرة في حجّيّته ظهورا قويّا مطمئنّا يحتجّ به عند المخاصمة والمحاجّة سيّما مع اشتمال الآية على كلمتين وهما : «التّبيّن» و «النّبأ» فليست الآية «إن أخبركم فاسق» أو «إن حدّثكم فاسق» بل هي : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ومعناه : «إن جاءكم بأمر خطير مهمّ» بحيث لو كان لبان ، فكأنّ هذا الخبر جاء من عند نفس الفاسق أو كأنّه اختلقه ، ولا ريب ، أنّ مثل ذلك يحتاج إلى التّبيّن. هذا تمام الكلام في الآية الاولى (آية النّبأ) المستدلّ بها على حجّيّة الخبر الواحد.
الآية الثّانية : آية النّفر وهي قوله عزوجل : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(٤).
تقريب الاستدلال بها على حجّيّة الخبر الواحد يتوقّف على بيان خمسة امور :
__________________
(١) سورة النّبأ (٧٨) ، الآية ١ و ٢.
(٢) سورة ص (٣٨) ، الآية ٦٧.
(٣) سورة نمل (٢٧) ، الآية ٢٢.
(٤) سورة التّوبة (٩) ، الآية ١٢٢.