وبلا علاج ، فيشكّ في بقاء ذلك الحكم فيرجع إليه ثانيا ، فيراه أنّه لا يفتي بالنّجاسة لعدم العثور على الدّليل ، وحينئذ يستقرّ شكّه ...» (١).
ثمّ إنّ المحقّق العراقي قدسسره قد دفع شبهة اختصاص العناوين الثّلاثة (القطع والظّنّ والشّكّ) بالمجتهد ، على وجه آخر وهو دعوى عدم القول بالفصل.
وإليك نصّ كلامه قدسسره : «أنّه لا مانع من فرض حصول الصّفات المزبورة لغير المجتهد ـ أيضا ـ كما في كثير من المحصّلين غير البالغين مرتبة الاجتهاد ، فإذا فرض حينئذ شمول إطلاقات أدلّة الأمارات والاصول لمثله ، يتعدّى إلى العامّي المحض بعدم القول بالفصل» (٢).
ولكن لا حاجة إلى مثل هذا التّكلّف ، بعد ما عرفت من شمول الخطابات الإلهيّة للمكلّفين قاطبة. غاية الأمر : يرجع الجاهل إلى العالم بها ، وهذا أمر واضح ، نظير ما إذا كان للمولى العرفيّ عبيد لهم ألسنة مختلفة ، عربيّة وغيرها ، فأمرهم وخاطبهم بلغة عربيّة ـ مثلا ـ لا يعرفها غير العرب ، فمن المعلوم حينئذ لزوم رجوع الجاهل باللّغة العربيّة إلى العارف بها حتّى يحصّل مراد المولى ويمتثل أمره.
هذا ، مضافا إلى أنّ دعوى عدم القول بالفصل والإجماع المركّب في مثل هذه المسألة العلميّة الاصوليّة الّتي يدّعي منكر الشّمول فيها للعامّي ، عدم الالتفات والغفلة ، أو العجز عن التّشخيص ، كما ترى.
إذا عرفت ذلك التّحقيق ، علمت : أنّ كلمة : «المكلّف» أو كلمة : «البالغ» تعمّ
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.
(٢) نهاية الأفكار : ج ٣ ، ص ٣.