إلى أن لك أمرين (١) : أحدهما : اليقين السّابق ؛ ثانيهما : الشّكّ اللّاحق ، فعليك الأخذ باليقين ويحرم نقضه بالشّكّ ، أو يفتي بكلا الحكمين.
نعم ، المعهود من دأب الفقهاء والمجتهدين هو الإفتاء بالحكم الفقهي فقط ، ولعلّ وجهه صعوبة الحكم الاصولي على العامّي.
وقد مثّل شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره تبعا للمحقّق العراقي قدسسره لقطع العامّي وشكّه في الشّبهة الحكميّة ، بالماء المتغيّر بالنّجاسة ، فقال قدسسره : «كما يحصل اليقين للمجتهد بنجاسة الماء المتغيّر بالنّجاسة بعد رجوعه إلى الأدلّة ، ثمّ يشكّ في بقاءها بعد زوال تغيّره بنفسه ، لعدم عثوره على دليل مقتض للطّهارة ، أو النّجاسة ، كذلك حال المقلّد العامّي بعد رجوعه إلى مقلّده ، فيحصل له اليقين بنجاسة ذلك الماء أوّلا ، من جهة أنّ قول الفقيه عنده كالأمارة على حكم عنده ، ثمّ يرى زوال تغيّره بنفسه
__________________
(١) كما اشير إليهما في روايات الاستصحاب ، نظير صحيحة زرارة ، قال : «قلت له : الرّجل ينام وهو على وضوء ، أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال عليهالسلام : يا زرارة! قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن ، فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء ؛ قلت : فإن حرّك على جنبه شيء ولم يعلمه به ؛ قال عليهالسلام : لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام ، حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنّه على يقين من وضوءه ولا تنقض اليقين أبدا بالشّكّ وإنّما تنقضه بيقين آخر» ، وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١ ، ص ١٧٤ و ١٧٥.
وصحيحته الثّانية : «قلت له : أصاب ثوبي دم رعاف ـ إلى أن قال : ـ قلت : فان لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه أصابه ، فطلبته فلم أقدر عليه ، فلمّا أن صلّيت وجدته ، قال : تغسله وتعيد الصّلاة ، فعلمت أثره ؛ قلت : فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتيقّن ذلك ، فنظرت فلم أر فيه شيئا ثمّ صلّيت فرأيت فيه ؛ قال عليهالسلام : تغسله ولا تعيد الصّلاة ؛ قلت لم ذلك ، قال عليهالسلام : لانّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشّكّ أبدا ...» ، وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٤١ من أبواب النّجاسات ، الحديث ١ ، ص ١٠٦١ و ١٠٦٢.