التّفقّه والاجتهاد بالوجوب الكفائي ، فيرجع العاجز العاميّ المشمول للخطاب الإلهي من النّفسي والطّريقي إلى الفقيه البارع ، وهذا الرّجوع الارتكازي لا يختصّ بباب الاجتهاد والفقاهة ، بل يكون في جميع الأبواب كالطّبابة ونحوها من الواجبات الكفائيّة. هذا كلّه في دفع شبهة العجز.
وأمّا شبهة اختصاص العناوين من القطع والظّنّ والشّكّ بالفقهاء والمجتهدين الملتفتين إلى الأحكام تفصيلا ، وعدم شمول الخطابات للعوام لكونهم غافلين ، فتدفع بإمكان حصول تلك العناوين الثّلاثة للعامي ـ أيضا ـ في الشّبهات الحكميّة ، كالمجتهد ، نعم ، حصولها في حقّ العامّي نادر جدّا ، إلّا أن ندرة حصولها لا تلازم عدم إمكانه.
وبالجملة : فكما أنّ المجتهد إذا رجع إلى الأدلّة يقطع ـ مثلا ـ بطهارة العصير العنبي قبل الغليان ، ويشكّ في بقاء طهارته بعد الغليان وقبل ذهاب ثلثيه ، فيرجع إلى الاستصحاب بعد الفحص عن الدّليل وعدم ظفره به ، كذلك العاميّ يرجع إلى الفقيه ، فيقطع بطهارته قبل الغليان ، ثمّ بعد الغليان وقبل الذّهاب يرجع إليه لكونه شاكّا في بقاء الطّهارة ، فيستفتي ولا يفتي بها ، بل يقول : «لم أرد ليلا على إثباتها ، أو إثبات النّجاسة» فيستقرّ حينئذ شكّه كشكّ المجتهد ويتوجّه إليه خطاب : «لا تنقض اليقين بالشّكّ» لتحقق كلا ركني الاستصحاب.
غاية الأمر : يرجع العاميّ ـ لعدم معرفته بمسألة الاستصحاب ـ إلى الفقيه العارف ، فهو إمّا يفتي بالحكم الفقهيّ المستفاد من الاستصحاب وهي طهارة العصير المغليّ قبل ذهاب الثّلثين ، فلا يجب الاجتناب عنه ، أو يفتي بالحكم الاصولي ويرشده