وفيه : أنّ حديث الرّفع ـ على ما عرفت سابقا ـ حاكم على أدلّة الأحكام الأوّليّة من أدلّة المركّبات والأجزاء والشّرائط. ولا ريب ، أنّ نتيجة إعمال الحكومة هو اختصاص الأجزاء والشّرائط بغير حال النّسيان ـ مثلا ـ فيصير المركّب الفاقد لهما تمام المأمور به ، وهذا لا فرق فيه بين نسيان الحكم وهو الجزئيّة والشّرطيّة ، وبين نسيان الموضوع وهو الجزء أو الشّرط. وعليه : فلا مجال لأن يقال : إذا كان المنسي هو الجزء ـ مثلا ـ لا الجزئيّة فلم ترفع الجزئيّة ، إذ يقال في جوابه : بأنّ رفع الجزء رفع له بجميع آثاره منها الجزئيّة ، ومعه يصدق على المأتي به أنّه تمام المأمور به ، حال النّسيان ، فيسقط الأمر المتعلّق به ؛ بداهة ، أنّ الأمر يسقط بالامتثال أو بالعصيان ـ بعض الأحيان ـ أو بحصول الغرض.
وكذلك لا مجال لأن يقال : إنّ حديث الرّفع لا يتكفّل لتحديد دائرة المأمور به ، وأنّه لا إطلاق له لرفع الجزء أو الشّرط حتّى بعد زوال النّسيان.
إذ يقال في جوابه : إنّه يكفي الرّفع حال النّسيان ، لتطبيق المأمور به على المأتي به ، فيسقط الأمر ، ولا معنى لبقائه أو حدوث الأمر.
إن قلت : إنّ حديث الرّفع بأنّه إنّما يصحّح العبادة الفاقدة للأجزاء والشّرائط نسيانا ، إذا أمكن اختصاص النّاسي بالتّكليف والخطاب ، والمفروض أنّه غير ممكن ، فلا يوجب الحديث تصحيح العبادة.
قلت : أوّلا : أنّ خطاب النّاسي تحت عنوان آخر ممكن ؛ وثانيا : لا حاجة إلى خطاب خاصّ بالنّسبة إلى النّاسي في تصحيح العبادة كي يقال : بعدم إمكانه ، بل يكفي