الكلاميّة الباحثة عن المبدا والمعاد وما يصحّ عنه تعالى وما لا يصحّ.
وأمّا بناء على تعريفه بأنّه يبحث فيه عن الأعراض الذّاتيّة للوجود من حيث هو هو على قاعدة الإسلام (١) ، فلا يشبه بالمسائل الكلاميّة ، والوجه فيه ، كما عن الإمام الرّاحل قدسسره (٢) هو أنّ مسائل القطع ليست من الأعراض الذّاتيّة للوجود من حيث هو وجود ، كما لا يخفى على أهله.
ثمّ إنّ للشّيخ الأنصاريّ قدسسره كلاما آخر في وجه خروج مسائل القطع عن علم الاصول ، محصّله : أنّ القطع يفارق عن سائر الأمارات من جهة عدم صدق عنوان الحجّة عليه وصدقها على الأمارات ؛ وذلك ، لأنّ المقصود من الحجّة هو الوسط الّذي يحتجّ به على ثبوت الأكبر للأصغر. ومن المعلوم : أنّ القطع لا يقع وسطا في القياس ، فلا يقال : هذا معلوم الخمريّة ، وكلّ معلوم الخمريّة حرام ، فهذا حرام.
ضرورة ، ترتّب الحرمة على نفس الخمر ، لا على معلوم الخمريّة ، وهذا بخلاف الأمارات والظّنون المعتبرة ، فيصحّ أن يقال : هذا مظنون الخمريّة ، وكلّ مظنون الخمريّة حرام ، فهذا حرام.
فهو قدسسره يقول : في الظّنون والأمارات بتنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، ولذا يصحّ إطلاق الوسط عليها ، فتثبت بها أحكام ظاهريّة تنزّل منزلة أحكام واقعيّة ، بخلاف القطع ، فلا تنزيل فيه أصلا ، بل المقطوع هو نفس الواقع ، لا المنزّل منزلة الواقع ، فلا يصحّ إطلاق الوسط عليه.
__________________
(١) راجع ، شوارق الإلهام : ص ٩ ، س ١٩.
(٢) راجع ، أنوار الهداية ، ج ١ ، ص ٣٣.