ونتيجة هذا كلّه ، هو خروج مباحث القطع عن الاصول بعد ما عرّف بأنّها قواعد يستنبط منها أحكام شرعيّة ، أو ينتهي إليها المكلّف في مقام العمل ؛ إذ عرفت :
أنّ القطع لا يقع وسطا حتّى يستنبط منه حكم شرعيّ ، وليس ـ أيضا ـ من قبيل الاصول العمليّة الّتي ينتهي إليه الفقيه بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالأدلّة الاجتهاديّة.
وفيه : أوّلا : أنّ الحقّ ، كما ستعرفه في محلّه ، عدم الفرق بين القطع وسائر الأمارات الظّنيّة المعتبرة في عدم الوسطيّة ، وأنّ الأحكام كما تترتّب على العناوين الواقعيّة في القطع ـ فلا يقال : مقطوع الخمريّة حرام ـ كذلك تترتّب عليها في الظّنّ ـ أيضا ـ فلا يقال : مظنون الخمريّة حرام ، والتّنزيل في الظّنّ لا أساس له وليس عليه دليل قويم.
وثانيا : أنّ الملاك في كون المسألة اصوليّة ليس هي الوسطيّة بذاك المعنى المذكور ، بل الملاك هي الوسطيّة في الاستنباط ، بمعنى : صيرورة أمر الوسط حجّة على الحكم. وواضح : أنّ القطع والظّنّ المعتبر كليهما حجّتان على الحكم ، بمعنى : أنّهما أمارتان عليه ، منجّزان له عند الإصابة ، ومعذّران عند عدمها. وعليه : فتطلق عليهما الوسطيّة في الاستنباط.
فتحصّل : أنّ الفرق الّذي أشار إليه الشّيخ الأنصاري قدسسره بلا فارق ، بل الأمارات كلّها حتّى الظّنّ لا تقع أوساطا في القياس ، فلا يصحّ إطلاق الحجّة عليها بمعناها المصطلح في الميزان وهو الحدّ الأوسط.
نعم ، تكون الأمارات بأجمعها حججا على الأحكام الواقعيّة ، بمعنى : أنّها