بناء على شمول التّقوى بمرتبتها الواجبة ، لفعل محتمل الوجوب وترك محتمل الحرمة ـ أيضا ـ إذ حينئذ يجب الاحتياط في المشكوكات والمحتملات بالفعل أو التّرك ، وإلّا لزمت مخالفة التّقوى ، وأمّا بناء على ما هو مقتضى التّحقيق من شمول التّقوى بتلك المرتبة ، لخصوص فعل الواجبات المعلومة وترك المحرّمات كذلك ، فلا يتمّ الاستدلال بها ؛ لوضوح أنّ فعل المحتملات أو تركها حينئذ ممّا لا يشمله التّقوى حتّى تكون مخالفة ذلك ، مخالفة للتّقوى.
لا يقال : إنّ وجوب الاحتياط في الشّبهات معلوم ، فتكون مخالفة هذا الواجب ـ أيضا ـ مخالفة للتّقوى.
لأنّه يقال : أوّلا : هذا خلف ؛ إذ المفروض عدم معلوميّة وجوب الاحتياط مع قطع النّظر عن الآية المذكورة ، وإلّا يصير الاستدلال بها على وجوب الاحتياط لغوا ، لعدم الحاجة حينئذ إليها لإثبات ذلك.
وثانيا : لو كان وجوب الاحتياط في المشتبهات معلوما ، لكانت الآية بالنّسبة إليه إرشادا إلى وجوب إطاعته ، كما أنّها بالنّسبة إلى سائر الواجبات المعلومة من الصّلاة والصّيام ونحوهما تكون إرشادا إلى وجوب إطاعتها ؛ بداهة ، أنّه لا يعقل تعلّق الأمر التّعبّديّ برعاية الواجبات الإلهيّة وإطاعتها ، وإلّا لزم التّسلسل ، كما حقّق ذلك في مثل آية : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ).
وعليه : فتخرج الآية من الأدلّة التّعبّديّة الدّالّة على وجوب الاحتياط.
نعم ، لا مانع من شمول التّقوى بمرتبتها الرّاجحة لفعل مشكوك الوجوب أو ترك مشكوك الحرمة ، إلّا أنّه لا يجدي الأخباريّ القائل بوجوب الاحتياط ؛ إذ