وكرواية أحمد بن الحسن الميثمي ، عن الرّضا عليهالسلام في حديث اختلاف الأحاديث «قال عليهالسلام : وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه ، فردّوا إلينا علمه ، فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم ، وعليكم بالكفّ والتّثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتّى يأتيكم البيان من عندنا». (١)
والجواب عن هذه الطّائفة هو أنّ الرّوايتين أجنبيّتان عن الدّلالة على وجوب الاحتياط ؛ أمّا الرّواية الاولى ، فلأنّها ناظرة أنّ الخطبة لعلّها كانت مشتملة على مطالب شامخة بعيدة عن الأذهان المتوسّطة ، فأمر عليهالسلام عندئذ بالكفّ عنها وردّ علمها إلى أئمّة الهدى ، فلا تكون من الأدلّة الدّالّة على وجوب الاحتياط في الشّبهات البدويّة ونفي البراءة المستندة إلى الحجّة العقليّة أو النّقليّة.
وأمّا الرّواية الثّانية ، فلأنّها ناظرة إلى أصحاب الاستقلال الّذين عملوا بآرائهم ، وهذا غير ما هو مورد الكلام من البراءة في الشّبهات البدويّة بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالحجّة.
ومنها : ما يدلّ على تثليث الامور ، كرواية عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث ، «قال : وإنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده ، فيتّبع ؛ وأمر بيّن غيّه ، فيجتنب ؛ وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشّبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشّبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم ، ثمّ
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣١ ، ص ١٢١.