فينحلّ فيه العلم الإجماليّ ـ أيضا ـ إذ مع احتمال انطباق ما هو المعلوم بالإجمال من المحرّمات في دائرة العلم الإجماليّ الكبير ، على المحرّمات الكثيرة المستفادة من الطّرق والأمارات المعتبرة ، يزول العلم الإجماليّ عن لوح النّفس وينتفي التّرديد قطعا ، فينقلب القضيّة المنفصلة المردّدة إلى حمليّة بتّيّة ومشكوكة ، فيعلم تفصيلا بحرمة امور دلّت على حرمتها الأمارات المعتبرة ، ويشكّ في حرمة ما عداها شكّا بدويّا تجري في مورده البراءة. هذا مجمل الكلام في المقام ، وسنبحث عن مسألة الانحلال في مبحث الاشتغال بوجه مبسوط ، إن شاء الله تبارك وتعالى.
قد يقال : إنّ العلم التّفصيليّ في المقام ، لكونه حادثا متأخّرا عن العلم الإجماليّ ، لا يسعه أن يرفع أثره المترتّب عليه قبل حدوث هذا العلم وإن أوجب زوال نفس العلم الإجماليّ وانحلاله بانقلاب القضيّة المنفصلة إلى حمليّة بتّيّة وحمليّة مشكوكة ، نظير حدوث الاضطرار بأحد الطّرفين بعد العلم الإجماليّ ، أو خروجه عن محلّ الابتلاء كذلك ، حيث إنّ الاضطرار والخروج عن محلّ الابتلاء لا يؤثّران في رفع التّكليف عن الطّرف الآخر المبتلى به ، أو غير المضطرّ إليه ، بل يجب الاجتناب عن ذلك الطّرف ، والمقام نظير ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الكأسين أو الثّوبين ، ثمّ علم تفصيلا بنجاسة الكأس الأبيض أو الثّوب الأخضر ـ مثلا ـ فالعلم الإجماليّ وإن انحلّ حينئذ قطعا ، لكنّه لكونه سابقا على العلم التّفصيليّ أثّر أثره ونجّز التّكليف قبله ، فيكون الكأس أو الثّوب الآخر ، واجب الاجتناب فعلا ـ أيضا ـ كما كان كذلك قبلا.
وبالجملة : إنّ المقام وإن كان ممّا علم فيه تفصيلا بأحكام خاصّة في موارد خاصّة بالوقوف على الطّرق والأمارات المعتبرة ، لكن هذا العلم التّفصيليّ لتأخّره عن