الصّورة الثّالثة : أن يكون الشّكّ في الحرمة والحلّية لأجل احتمال عدم قبول التّذكية رأسا مع العلم بوقوع الذّبح وفري الأوداج الأربعة مع سائر شرائطه ، نظير ما إذا كان الحيوان المذبوح أو لحمه المطروح ، مردّدا بين شاة وخنزيرة ، لعلل وامور خارجيّة ، كالجهل أو العمى أو الظّلمة ، وفي هذه الصّورة بناء على القول بوجود العموم الدّال على قابليّة كلّ حيوان للتّذكية إلّا ما خرج بالدّليل ، كالكلب والخنزير ، على ما إدّعاه صاحب الجواهر قدسسره (١) ، لا مجال للحكم بالحلّيّة والطّهارة ؛ إذ المفروض ، أنّ الحيوان مردّد بين مأكول اللّحم وغيره ، فيكون التّمسّك بالعامّ حينئذ تمسّكا به في الشّبهة المصداقيّة للمخصّص وهو غير جائز.
اللهم إلّا أن يتمسّك به ، بعد إجراء استصحاب عدم الكلبيّة ـ مثلا ـ إذا قيل بجريانه في الأعدام الأزليّة حتّى في العناوين الذّاتيّة ، فيحكم على هذا الوجه بالحلّيّة والطّهارة.
وأمّا بناء على القول بإنكار العموم ، كما هو الظّاهر ، فإذا قلنا : بكون التّذكية أمرا وجوديّا بسيطا حاصلا من الذّبح بشرائطه ـ نظير الطّهارة الحاصلة من الوضوء والغسل ، ونظير الملكيّة الحاصلة من الإيجاب والقبول ـ يستصحب عدمها ، فلا يحكم بالطّهارة والحلّيّة ؛ وإذا قلنا : بكونها نفس الذّبح مع شرائطه الخاصّة ، فلا مجال لأصالة عدمها ؛ إذ لا شكّ حينئذ فيها ، بل القطع حاصل بتحقّقها ، فالمرجع هو أصالة الحلّ والطّهارة.
__________________
(١) جواهر الكلام : ج ٣٦ ، ص ١٩٦.