الصّورة الرّابعة : أن يكون الشّكّ في الحرمة والحلّيّة لأجل احتمال عدم تحقّق التّذكية بعد إحراز القابليّة ، إمّا لأجل عدم تحقّق الذّبح وفري الأوداج الأربعة ، أو عدم تحقّق شرائطه المقرّرة ؛ وهذه الصّورة تجري فيها أصالة عدم التّذكية بلا شبهة ، والنّتيجة هي الحرمة وعدم الحلّيّة البتّة. هذا تمام الكلام في الشّبهة الموضوعيّة.
وأمّا الشّبهة الحكميّة ، فهي ذات صور ثلاثة :
إحداها : أن يكون الشّكّ في الحرمة والحلّيّة من غير ناحية التّذكية ، نظير ما إذا شكّ في حلّيّة أكل لحم الأرنب ، أو بعض أنواع السّمك وحرمته ، مع العلم بوقوع التّذكية عليه ؛ وذلك ، لفقد الدّليل على الحرمة والحلّيّة ، وفي هذه الصّورة يكون المرجع أصالة الإباحة والحلّيّة ، ولا أصل حاكما أو واردا عليها.
اللهم إلّا أن يقال : باستصحاب الحرمة السّابقة المتيقّنة حال الحياة وقبل وقوع التّذكية. وقد عرفت : في الصّورة الاولى من الشّبهة الموضوعيّة ، ما فيه من الإشكال ، فراجع.
ثانيتها : أن يكون الشّكّ في الحرمة والحلّيّة من ناحية التّذكية ، إمّا لأجل الشّكّ في اعتبار شيء في التّذكية وعدمه ، نظير الشّكّ في اشتراط كون الذّبح بالحديد أو بإسلام الذّابح ، أو غير ذلك من سائر الشّرائط ، وإمّا لأجل الشّكّ في مانعيّة شيء فيها ، وفي هذه الصّورة لا مانع من الحكم بنفي اعتبار الأمر المشكوك فيه ، تمسّكا بالدّليل الاجتهاديّ وهو إطلاق أدلّة التّذكية ، نظير قوله تعالى : (... إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ)(١) وقول أبي عبد الله عليهالسلام : «... وكلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكّي و
__________________
(١) سورة المائدة (٥) ، الآية ٣.