توضيح الإشكال : أنّ الميتة عبارة عن خصوص ما مات حتف أنفه ، وأمّا غير المذكّى ، فهو أعمّ منه ومن كلّ ما لم يذكّ بوجه شرعيّ ، فلا مجال لإثبات خصوص الميتة الّتي كانت أحد أفراد غير المذكّى بأصالة عدم التّذكية وإحراز أنّ الحيوان غير مذكّى.
وببيان أخصر يقال : كلّ ميتة غير مذكّى ، ولكن ليس كلّ غير مذكّى بميتة ، فلا مجال لإثبات الميتة بنفي التّذكية وإحراز عدمها. وعليه ، فلا تثبت الحرمة والنّجاسة اللّتان تترتّبان على الميتة ، بأصالة عدم التّذكية.
والجواب عنه ما أفاده الشّيخ الأنصاري قدسسره وهو راجع إلى وجهين : أحدهما : أنّ الميتة شرعا عبارة عن غير المذكّى ، لا خصوص ما مات حتف أنفه ، فبأصالة عدم التّذكية يحرز أنّ الحيوان في المسألة المفروضة ، ميتة محرّمة ونجسة ، فلا مجال لأن يقال : كيف تثبت الميتة بأصالة عدم التّذكية.
ثانيهما : أنّ الحرمة والنّجاسة ، كما تترتّبان على الميتة ، كذلك تترتّبان على عنوان غير المذكّى ، فلا حاجة إلى إثبات الموت بأصالة عدم التّذكية حتّى يقال : بالمعارضة بينها وبين أصالة عدم الموت ، ويدلّ على ترتّبهما على عنوان غير المذكّى مفهوم قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) حيث إنّ المذكّى طاهر ، حلال بحكم المنطوق وغير المذكّى نجس ، حرام بحكم المفهوم. (١)
هذا تمام الكلام في الأمر الأوّل (من الامور الّتي ينبغي الإشارة إليها في خاتمة البحث).
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ١٢٨ و ١٢٩.