المختلفة في حقيقة التّذكية من كونها أمرا واحدا وهو الذّبح وفري الأوداج الأربعة مع الشّرائط المقرّرة فيها (كالقابليّة ، وكون الذّبح بحديد واستقبال القبلة وإسلام الذّابح والتّسمية) وهو القول المختار ، أو كونها مركّبة من تلك الامور أو كونها أمرا بسيطا محصّلا منها أو كونها أمرا انتزاعيّا منها.
والوجه في ما ذكرناه : هو أنّ الشّكّ في القابليّة يوجب الشّكّ في تحقّق الأمر الواحد ، أو الأمر المركّب أو الأمر البسيط المحصّل أو المنتزع من تلك الامور ، فتجري أصالة عدم التّذكية.
ومن هنا ظهر : أنّ ما عن بعض الأعاظم قدسسره من جريان أصالة الحلّ في المقام دون أصالة عدم التّذكية ، غير وجيه. نعم ، لو علم قبول الحيوان للتّذكية وشكّ في الحلّيّة والحرمة كانت أصالة الإباحة هناك محكّمة ؛ إذ الشّكّ حينئذ ليس في التّذكية ، بل هو في الحلّيّة والحرمة ، ولا أصل معه إلّا الإباحة والحلّيّة.
أمّا النّزاع الثّاني : فالحقّ فيه هو ترتّب النّجاسة والحرمة على الحيوان بجريان أصالة عدم التّذكية فيه ؛ بداهة ، أنّ ما هو المؤثّر في الطّهارة والحلّيّة هو تحقّق التّذكية الشّرعيّة فيه ، فمجرّد إحراز كون الحيوان غير المذكّى بإجراء الأصل عند الشّكّ في واحد من الشّرائط المذكورة في التّذكية ، كاف في الحكم بالنّجاسة والحرمة عليه.
هذا ، ولكن اشكل على أصالة عدم التّذكية وترتيب أثر النّجاسة والحرمة عليها ، بأنّها معارضة بأصالة عدم الموت. وواضح ، أنّ الحرمة والنّجاسة من أحكام الميتة ، فلا مناص من الرّجوع في المقام إلى أصالة الإباحة والطّهارة. (١)
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ١٢٨.