هذا ، مضافا إلى أنّ التّمسّك بإطلاق الخطابات الواردة من ناحية الشّرع في الموضوعات الشّرعيّة ، كالصّلاة والصّوم والحجّ ونحوها ، يكون من المسلّمات عند أرباب فنّ الاصول وأصحاب الاجتهاد من الفحول ؛ ونتيجة ذلك ، جواز التّمسّك في المقام بالإطلاق الوارد في التّذكية ولو كانت من الموضوعات الشّرعيّة غير العرفيّة.
ثالثتها : أن يكون الشّكّ في الحرمة والحلّيّة من ناحية التّذكية ، لأجل الشّكّ في قابليّة الحيوان للتّذكية وعدمها ، كالحيوان المتولّد من شاة وخنزير بلا صدق اسم أحدهما عليه ، فعلى مسلك صاحب الجواهر قدسسره ـ من قبول كلّ حيوان للتّذكية إلّا ما خرج بالدّليل ، كالكلب والخنزير ، استنادا إلى رواية عليّ بن يقطن ، الواردة في الجلود ـ كان المرجع هو العموم (١) ، فلا مجال لأصالة عدم التّذكية ؛ إذ الأصل غير معتبر مع وجود العموم والأمارة.
وعليه : فالحكم في هذه الصّورة هو الطّهارة والحلّيّة ، بلا حاجة في الرّجوع إلى العموم إلى إجراء استصحاب العدم الأزليّ ، بل لا مجال له ، لأنّ المفروض هو أنّ الشّبهة في المقام حكميّة لا موضوعيّة كي ترفع بالاستصحاب ، هذا بناء على القول بالعموم.
وأمّا بناء على القول بعدم العموم ، فهل تجري حينئذ أصالة عدم التّذكية أولا؟ وعلى فرض جريانها ، هل يحكم بالنّجاسة ـ أيضا ـ أو يحكم بالحرمة فقط؟ فهنا نزاعان :
أمّا النّزاع الأوّل : فالحقّ فيه جريان أصالة عدم التّذكية بلا فرق بين الأقوال
__________________
(١) جواهر الكلام : ج ٣٦ ، ص ١٩٦.