يكون وسطا لإثبات حكم آخر ظاهريّ مماثل لحكم متعلّقه ، فحرمة الشّرب في قولنا : هذا مظنون الخمريّة ، وكلّ مظنون الخمريّة يجب الاجتناب عنه ، ليس حكما واقعيّا لمظنون الخمريّة ؛ إذ الحكم الواقعيّ مترتّب على الخمر الواقعيّ ، بل هو حكم مماثل للحكم الواقعيّ.
وإن شئت ، فقل : إنّ متعلّق الظّنّ في ذلك المثال هو الخمر ، ولا يثبت لمظنون الخمريّة حكم الخمر الواقعيّ وهي الحرمة الواقعيّة ، بل يثبت له الحرمة الظّاهريّة المماثلة ، بمعنى : أنّ مظنون الخمريّة خمر تنزيلا ، له حرمة تنزيليّة ظاهريّة لا واقعيّة.
ومن هنا قال شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره حاكيا عن المحقّق العراقي قدسسره : «فعلى كلّ تقدير لا يكون الظّنّ وسطا في القياس بالنّسبة إلى حكمه المتعلّق ، ولا يصحّ تأليف قياس الحقيقي منه وإنّما هو صورة قياس» (١). هذا كلّه في الحجّة الميزانيّة.
وأمّا الحجّة الاصوليّة ، بمعنى : المنجّزيّة عند الموافقة ، والمعذّريّة عند المخالفة ، فيصحّ إطلاقها على القطع وسائر الأمارات المعتبرة.
ثمّ إنّ المحقّق الأصفهاني قدسسره بعد اختياره مبنى : «أنّ حجّيّة القطع ، بمعنى : تنجّز التّكليف واستحقاق العقوبة على مخالفته ، ليس من الآثار القهريّة واللّوازم الذّاتيّة لمخالفة التّكليف المعلوم ، بل من اللّوازم الجعليّة» بنى قدسسره عليه ، صحّة إطلاق الحجّة الميزانيّة على القطع ، فقال ما هذا لفظه : «وممّا ذكرنا من دخل القطع جعلا في التّنجّز ، يظهر صحّة إطلاق الحجّة عليه بالمعنى المتعارف في عرف أهل الميزان ، لكونه واسطة في التّنجّز في القياس المطلوب منه ، تنجّز الحكم بالقطع ، كما يظهر صحّة إطلاق الحجّة
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.