بالنّسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة ، فيلزم عليه الاحتياط بفعل أحدهما وترك الآخر حتّى تحصل الموافقة الاحتماليّة وتجتنب عن المخالفة القطعيّة.
النّحو الثّاني : أن تكون تعدّد الواقعة طوليّا ، نظير ما إذا علم المكلّف إجمالا بالحلف على فعل شيء في زمان وتركه في زمان آخر ، لكن اشتبه عليه الزّمانان بحيث يدور الأمر في كلّ زمان بين وجوب ذلك الشّيء وبين حرمته ، ففي هذا النّحو ، هل يحكم بالتّخيير بين الفعل والتّرك في كلّ واحد من الزّمانين مطلقا أم يفصّل في المسألة؟ بين ما إذا لم يكن العلم الإجماليّ منجّزا في الامور التّدريجيّة ، وبين ما إذا كان منجّزا فيها ، وجهان : والأقوى هو التّفصيل : والسّر في ذلك ، هو أنّ القول بالتّخيير مطلقا مبتن على كون الشّيء في كلّ زمان ، واقعة مستقلّة يدور أمره بين الوجوب والحرمة ، وحيث إنّه لا يمكن الاحتياط رأسا ولا وجه لضمّ واقعة إلى واقعة ، فمقتضاه هو التّخيير بمعنى : أنّ للمكلّف اختيار الفعل في كلّ من الزّمانين أو اختيار التّرك كذلك أو اختيار الفعل في أحدهما والتّرك في الآخر.
وفيه : أنّ هذه المسألة مبتنية على مسألة تنجيز العلم الإجماليّ في الامور التّدريجيّة وعدمه ، فعلى القول بالتّنجيز لا مجال للتّخيير ، بل لا بدّ من اختيار الفعل في أحد الزّمانين والتّرك في الزّمان الآخر كي لا تلزم المخالفة القطعيّة ؛ وأمّا على القول بعدم التّنجيز في التّدريجيّات ، فللتّخيير بين الفعل والتّرك في كلّ زمان مجال واسع.
وبالجملة : الحقّ في المقام هو التّفصيل بين ما إذا لم يكن العلم الإجماليّ منجّزا في الامور التّدريجيّة ، فيحكم بالتّخيير ، وبين ما إذا كان منجّزا فيها ، فيحكم حينئذ بالاحتياط واختيار الفعل في أحد الزّمانين والتّرك في الزّمان الآخر ، كما هو واضح. وسيأتي تحقيق هذه المسألة في باب الاشتغال ، إن شاء الله تعالى.