اختياريّة الفعل المتجرّى به بما هو مقطوع.
اللهم إلّا أن يريد قدسسره عدم اختياريّته ، لعدم اختياريّة القطع ، وهذا ، كما ترى أكل من القفاء.
ثمّ إنّ بعض الأعاظم قدسسره بعد ردّ مقالة المحقّق الخراساني قدسسره في عدم إمكان جعل القطع من العناوين المحسّنة أو المقبّحة ، أقام برهانا على ذلك سمّاه قدسسره برهانا آخر أبسط ، فقال ، ما حاصله (١) : إنّ القبح المتوهّم استتباعه للحكم الشّرعي بمعونة قاعدة الملازمة ، إمّا مختصّ بعنوان التّجرّي ومخالفة القطع ، أو عامّ شامل للمعصية ـ أيضا ـ وكلا الفرضين ممنوع ، أمّا فرض الاختصاص فلأنّه يرد عليه أوّلا : بفساده وبطلانه لمكان حكم العقل بالقبح في كلتا الصّورتين ، وهما مخالفة القطع للواقع وموافقته له ؛ وذلك ، لوجود ملاك القبح وهو الهتك والجرأة على المولى فيهما.
وثانيا : بعدم قبول هذا الحكم للبعث والمحرّكيّة أصلا ؛ إذ يعتبر في صحّة التّكليف ، القدرة ، ومن مبادي القدرة على الامتثال هو الالتفات إلى الموضوع ، والمفروض أنّه في عنوان التّجرّي لا يمكن الالتفات إلى عنوان القطع المخالف للواقع ، إذ الالتفات إليه مساوقة لزواله ، نظير الالتفات إلى النّسيان ، فكما لا يمكن توجيه التّكليف إلى النّاسي بعنوانه لاشتراط التّكليف بالالتفات ، ومع الالتفات إلى كونه ناسيا ينقلب الأمر إلى الذّكر ، كذلك لا يمكن تكليف القاطع بعنوان مخالفة قطعه للواقع. هذا في فرض اختصاص القبح المستتبع للحكم الشّرعيّ بالتّجرّي.
وأمّا فرض شموله وعمومه للمعصية ـ أيضا ـ بجامع الهتك والجرأة ، فلأنّه
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٢٦ و ٢٧.