أنّ القطع لا ينطبق ولا يحمل على الفعل المتجرّى به ، فلا يقال : شرب الماء المقطوع خمريّته ـ مثلا ـ قطع وعلم ومعلوم بالذّات ، بل يقال : أنّه مقطوع ومعلوم بالعرض.
وإن شئت ، فقل : القطع والعلم هو المعلوم بالذّات ، والفعل المتجرّى به هو المعلوم بالعرض ، ولا ينطبق المعلوم بالذّات على المعلوم بالعرض ، فلا ينطبق القطع على الفعل المتجرّى به ولا يكون عنوانا مقبّحا. أو قل : القطع من صفات النّفس ، والمتجرّى به عمل وفعل خارجيّ ، فلا يمكن الانطباق والهوهويّة عندئذ. أو قل : القطع عمل نفسيّ جانحيّ ، والمتجرّى به عمل عينيّ جارحيّ ، فلا يمكن الانطباق والهوهويّة بينهما.
وكيف كان ، عدم كون القطع من الوجوه المقبّحة أو المحسّنة في غاية الوضوح ، لا يحتاج إلى الإطناب والإطالة وجرّ البحث والكلام إلى الاختيار والإرادة ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره.
هذا كلّه ، مضافا إلى أنّ ما قال به قدسسره من إثبات عدم اختياريّة القطع ، وأنّه لذلك لا يكون من الوجوه المقبّحة ، فيه نوع مغالطة ؛ إذ المفروض أنّه قدسسره استدلّ لإثبات ذلك بعدم كون الفعل المتجرّى به بما هو مقطوع الحرمة اختياريّا ، فإنّ القاطع لا يقصده إلّا بما قطع أنّه عليه من عنوانه الواقعي الاستقلالي ، لا بعنوانه الطاري الآلي.
وهذا الاستدلال ، كما ترى ، مشتمل على المغالطة ، ووضع المقطوع به وهو الفعل المتجرّى به ، في الدّليل ، مكان القطع المعنون في الدّعوى ، مع أنّه كان اللّازم أن يثبت ابتداء في الدّليل ، عدم اختياريّة القطع ، ويستنتج عدم كونه من العناوين المقبّحة أو المحسّنة ، ثمّ يستنتج بقاء الفعل المتجرّى به على ما هو عليه وعدم حرمته ، لا عدم