القطع موجب لصيرورة العمل قبيحا ومعاقبا عليه ، بل لصدق عنوان الطّغيان على ذلك الفعل ، كصدقه على العمل في فرض العصيان ، فهذا عنوان جامع مشترك موجب لاستحقاق العقوبات والنّيران.
والوجه في العدول ما أشرنا إليه سابقا : من أنّ مخالفة الأوامر والنّواهي المولويّة المسّماة بالمعصية ، هو تمام الموضوع والملاك المستقلّ التّامّ لاستحقاق المؤاخذة والعقوبة مع قطع النّظر عن أيّ عنوان آخر ، وهذه هي الجهة الخاصّة بصورة المصادفة وصدق عنوان المعصية ، فلو كانت الجهة المشتركة بين التّجرّي والمعصية من مثل عنوان العزم على العصيان ، موجبة لاستحقاق العقوبة وكانت هي ـ أيضا ـ علّة مستقلّة لذلك ، لزم تعدّد الاستحقاق على تقدير المصادفة وتحقّق المعصية.
على أنّ تلك العناوين منها امور قلبيّة ، لا عقوبة لها ، كعقوبة المخالفة والمعصية. نعم ، لها عقوبات اخرى مسانخة لها.
وممّا ذكرناه ، ينقدح ما في مسلك المحقّق الخراساني قدسسره من اقتضاء التّجرّي لاستحقاق العقوبة على مجرّد العزم على المعصية ، لا على الفعل المتجرّى به لبقائه على ما هو عليه من المحبوبيّة والمصلحة ؛ لعدم كون القطع من الوجوه والعناوين المغيّرة المقبّحة. (١)
فالحقّ في المسألة ما ذهب إليه الشّيخ الأنصاري قدسسره (٢) من عدم اقتضاء التّجرّي عدا الكشف عن خبث الباطن وسوء السّريرة الّذي لا يترتّب عليه سوى
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ١٣.
(٢) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٣٩ إلى ٥٠ ، الطّبعة الجديدة.