نعم ، قد وردت روايات أخر يستفاد منها نفي العقوبة بمجرّد قصد المعصية :
منها : ما عن زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : «... ومن همّ بسيّئة لم تكتب عليه ، ومن همّ بها وعملها كتبت عليه سيّئة» (١).
ومنها : ما عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «... وإنّ المؤمن ليهمّ بالسّيّئة أن يعملها ، فلا يعملها فلا تكتب عليه» (٢).
ومنها : ما عن جميل بن درّاج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا همّ العبد بالسّيّئة لم تكتب عليه ...» (٣).
وقد تصدّوا للجمع بين هاتين الطّائفتين بوجوه : أهمّها اثنان :
الأوّل : أنّ الطّائفة الاولى تحمل على قصد المعصية مع الاشتغال ببعض مقدّماتها ؛ والطّائفة الثّانية تحمل على مجرّد قصدها بلا اشتغال بالمقدّمة أصلا.
وفيه : أنّ هذا الجمع تبرّعي لا شاهد له ، بل يشهد على خلافه ، قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) فإنّه ينافي حمل الطّائفة الثّانية ، حيث إنّ مفاده هي المحاسبة بمجرّد القصد مع السّعي على إخفاءه وعدم إبداءه مطلقا حتّى بالاشتغال بإحدى المقدّمات ، وكذا قوله جلّ جلاله : (بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله جلّ وعلا : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ ...).
وهكذا تشهد على خلاف هذا الجمع ، الرّوايات المتقدّمة الدّالّة على عدم
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٦ ، ص ٣٦.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٧ ، ص ٣٦.
(٣) وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ١٠ ، ص ٣٧.