لا تصديقية.
فظهر من جميع ما ذكرنا إمكان أخذ مفهوم الشيء في مفهوم المشتقّ.
وأمّا الدليل على وقوعه : فهو الوجدان (١) ، فإنّا إذا راجعنا إلى وجداننا نرى انتقالنا من لفظ «قائم» و «ضارب» و «مفتاح» وهكذا من مرادفاتها في لغتنا إلى «الّذي يقوم ويضرب ويفتح به الباب» ونحوه ، فما أخذ في مفهوم المشتقّ بحسب الوجدان ذات مبهمة من جميع الجهات إلّا جهة قيام المبدأ به ، ويكون مرادفا ل «ما» الموصولة و «الّذي» ، حيث إنّ الموصولات أيضا مبهمة من جميع الجهات إلّا من جهة الصلة ، ولذا يقال لها : «المبهمات».
وما ذكروه وجها للبساطة ـ من أنّ وجود العرض وإن كان وجودا مغايرا مباينا لوجود موضوعه إلّا أنّه وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه وطور من أطواره وشأن من شئونه ، وطور الشيء وشأنه لا يباينه ، فوجود البياض عين وجود موضوعه وهو أبيض بما فيه طور من أطواره ، فالبياض إذا لوحظ بشرط لا بياض ، وإذا لوحظ لا بشرط ، يكون أبيض ، فالفرق بين المشتقّ ومبدئه فرق اعتباري لا حقيقي ـ ليس إلّا سجعا وقافية لا يرجع إلى محصّل.
أوّلا : لأنّ وجود العرض إذا كان مباينا مع وجود موضوعه
__________________
(١) أقول : إذا كان البحث في تركّبه وبساطته بالتحليل العقلي لا الإدراك والتصوّر ، فكيف يتمسّك بالوجدان!؟ وهو ليس إلّا التبادر الّذي يثبت به الوضع والموضوع له. (م).