نظر الإسلام بعمق وشمول إلى القضاء والقضاة فأولاهما المزيد من الأهمّية ، وذلك لما لهما من الأثر الفعّال إيجابا وسلبا على النظام الاجتماعي الذي يسود البلاد ، ونعرض ـ بإيجاز لهما ـ مع ما يرتبط بذلك من بحوث.
أمّا القضاء فهو من أهمّ المراكز الحسّاسة في الدولة الإسلامية ، وإقامته من الواجبات على رئيس الدولة ، فإنّه ملزم بتنفيذها ، وقد تحدّث الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام مع شريح القاضي عن سموّ هذا المنصب ومدى أهمّيته قائلا :
« يا شريح ، قد جلست مجلسا لا يجلسه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ، أو شقيّ » (١).
إنّ منصب القضاء والقيام بمسئولياته وواجباته على الوجه الصحيح إنّما هو من وظائف الأنبياء وأوصيائهم ليحكموا بين الناس بالحقّ والعدل ، أمّا إذا تولّى هذا المنصب غيرهما ممّن لا دراية له بشئون القضاء أو لا حريجة له في الدين فإنّه شقي قد حاد عن الطريق القويم ، وعرّض البلاد للخطوب والأزمات.
وكان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يحتاط كأشدّ ما يكون الاحتياط في قضاء شريح قاضي الكوفة ، فكان يأمره بعدم تنفيذ ما يقضي به حتى يعرضه عليه (٢) ، خوفا من
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٤. وسائل الشيعة ١٨ : ٧.
(٢) فروع الكافي ٧ : ٤٠٧. وسائل الشيعة ١٨ : ٦.