أن يكون قد جافى الواقع في ما قضى به.
واشترط الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في القضاة أن يكونوا أفضل أبناء الأمّة تقوى وورعا وكمالا ونزاهة ، ولنستمع إلى ما جاء في عهده لمالك الأشتر من البنود المشرقة التي تخصّ القضاة ، قال عليهالسلام :
« ثمّ اختر للحكم بين النّاس أفضل رعيّتك في نفسك ، ممّن لا تضيق به الأمور ، ولا تمحّكه الخصوم ـ أي لا تغضبه ، ولا يتمادى في الزّلّة ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه ، ولا تشرف نفسه على طمع ، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه ؛ وأوقفهم في الشّبهات ، وآخذهم بالحجج ، وأقلّهم تبرّما بمراجعة الخصم ، وأصبرهم على تكشّف الأمور ، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم ، ممّن لا يزدهيه إطراء ، ولا يستميله إغراء ، وأولئك قليل.
ثمّ أكثر تعاهد قضائه ، وافسح له في البذل ما يزيل علّته ، وتقلّ معه حاجته إلى النّاس.
وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصّتك ، ليأمن بذلك اغتيال الرّجال له عندك ، فانظر في ذلك نظرا بليغا فإنّ هذا الدّين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار ، يعمل فيه بالهوى ، وتطلب به الدّنيا » (١).
حفل هذا المقطع الشريف من عهد الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام لمالك الأشتر
__________________
(١) نهج البلاغة ٣ : ٦٣ ـ ٦٤.