وحينما تزيّنت الخلافة الإسلامية بالإمام أمير المؤمنين عليهالسلام رائد الحقّ والعدالة في دنيا الإسلام تولّى عليهالسلام بنفسه شئون القضاء بين الناس ، بالاضافة إلى مسئولياته الاخرى ، وكان يعهد بالقضاء إلى شريح القاضي ، ولكن يأمره بعرض ما يقضي به عليه لئلاّ يكون مجافيا لأحكام الإسلام.
وعلى أي حال فإنّا نعرض إلى كيفيّة قضائه ، وما يرتبط بذلك من بحوث ، كما نعرض إلى صور مشرقة من قضائه ، التي هي في منتهى الروعة والابداع ، وفي ما يلي ذلك :
كان الإمام عليهالسلام إذا عرضت عليه دعوى لا يرتّب أي أثر على أوّل كلام أحد المتخاصمين ما لم ينته من كلامه ، وحينئذ ينظر في معطياته (١) ، كما كان لا يحكم لأحد المتخاصمين من دون أن يسأل الآخر في ما أدلى صاحبه من كلام ، وقد عهد إليه النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك ، فقد قال له حينما بعثه لتبليغ سورة براءة :
« إنّ النّاس سيتقاضون إليك ، فإذا أتاك الخصمان فلا تقض لواحد حتّى تسمع من الآخر فإنّه أجدر أن تعلم الحقّ » (٢).
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ٤٥٨.
(٢) تفسير العيّاشي ٢ : ٧٥.