عفيفا شريفا ، فامتنع من إجابتها ، فلمّا أيست من إجابته عمدت إلى بيضة فصبّت بياضها على ثيابها وبين فخذيها ، ومضت إلى عمر ، فقالت له :
إنّ هذا الفتى أخذني في موضع وفضحني.
فهمّ عمر أن يعاقب الأنصاري ، ولمّا رأى الأنصاري ما أراده عمر جعل يتوسّل إليه ويطلب منه التثبّت في أمره ، فالتفت عمر إلى الإمام عليهالسلام وقال له : ما ترى يا أبا الحسن؟
فنظر الإمام إلى البياض على ثوب المرأة فارتاب منه ، فأمر بإحضار ماء قد اغلي غليانا شديدا ، فأحضروه له ، فأخذ الإمام الماء وصبّه على موضع البياض ، فصار بياضا ، فأخذ منه الإمام شيئا ووضعه في فيه فاستبان له الأمر ، وأقبل على المرأة فاعترفت بذلك (١) ، وكان ذلك من روائع أقضيته عليهالسلام.
من بدائع قضاء الإمام عليهالسلام أنّ غلاما ادّعى على امرأة أنّها امّه ، وهي تنكره ، وقد رفع أمره إلى عمر ، فأمر بإحضار المرأة ، فجاءت ومعها اخوان أربعة ، وأربعون قسامة يشهدون أنّها لا تعرف الغلام ، وأنّه مدّع غشوم ظلوم يريد أن يفضحها بين اسرتها ، وأنّ المرأة لم تتزوّج قطّ ، فالتفت الإمام عليهالسلام ـ وكان حاضرا ـ إلى عمر فقال له :
« أتأذن لي أن أقضي بينهم ...؟ ».
فانبرى عمر قائلا :
سبحان الله! كيف لا ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « أعلمكم عليّ بن أبي طالب ... ».
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٣٠٤. وسائل الشيعة ١٨ : ٢٠٦. الطرق الحكمية ـ ابن القيم : ٤٧.