وبهر شريح وقال : لا أقضي حتى تخبرني كيف قضيت بجور ثلاث مرّات؟
فأجابه الإمام :
« إنّي لمّا أخبرتك أنّها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقلت : هات على ما تقول بيّنة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حيث ما وجد غلول اخذ بغير بيّنة ، فقلت : رجل لم يسمع الحديث ، فهذه واحدة. ثمّ أتيتك بالحسن شاهدا فشهد ، فقلت : هذا واحد ، ولا أقضي بشهادة واحد حتّى يكون معه آخر. وقد قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله بشهادة واحد ويمين. فهاتان اثنتان. ثمّ أتيتك بقنبر فشهد أنّها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقلت : هذا مملوك ، ولا بأس بشهادة المملوك إذا كان عادلا ، ويلك! إنّ إمام المسلمين يؤتمن من امورهم على ما هو أعظم من هذا » (١).
من الأمارة التي كان يحكم بها الإمام عليهالسلام ( القرعة ) وذلك في ما إذا أشكل الأمر وتعارضت البيّنات التي يعتمد عليها في القضاء وغيره ، فالقاعدة التي يحسم بها النزاع هي القرعة ، فهي لكلّ أمر مشكل ـ كما في الحديث ـ ، وكان من مواردها
أنّ رجلين اختصما في دابة إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فزعم كلّ واحد منهما أنّها نتجت عنده على مذوده ، وأقام كلّ واحد منهما البيّنة على دعواه ، فأقرع الإمام بينهما سهمين ، وعلّم كلّ واحد منهما بعلامة ، ثمّ قال :
« اللهمّ ربّ السّماوات السّبع وربّ الأرضين السّبع وربّ العرش العظيم ، عالم الغيب والشّهادة الرّحمن الرّحيم ، أيّهما كان صاحب الدّابّة هو أولى
__________________
(١) فروع الكافي ٧ : ٤٨٥. من لا يحضره الفقيه ٣ : ٦٣ ـ ٦٤.