أبينا بخمسمائة دينار ، واحبس لنفسك خمسمائة دينار ، فأبى ، فخاصموه إلى الإمام وقصّوا عليه الأمر ، فقال الإمام للرجل : « أجبهم إلى ما أرادوا » ، فامتنع ، فقضى عليهالسلام أنّ على الرجل أن يتصدّق بتسعمائة دينار ويحبس لنفسه مائة دينار.
وهذا الحكم يتنافى مع وصيّة الميّت ؛ لأنّه أوصاه أن يحبس الرجل لنفسه ما أحبّ ، وقد رغب أن يتصدّق عن الميّت بمائة ويدّخر لنفسه تسعمائة ، وهو ما يريده.
يقول السيّد محسن الأمين : « إنّ الحقّ في جانب الوصي لا فى جانب الورثة ».
وأضاف السيّد : « إنّ ظاهر قول الموصي تصدّق منها بما تحب أي بما تريد لا بما تحبّ أن يبقى لك ، ولعلّ ما فعله أمير المؤمنين عليهالسلام هو من باب النصيحة للوصي قصدا لاستصلاح الحال أو لغير ذلك من وجوه الاصلاح ، وتفسير ما تحبّ أن يكون لك لعلمه من باب الاقناع والمفاكهة بالدليل الشرعي لا من باب الحقيقة ، ويمكن أن يقال إنّ ظاهر حال الموصي أنّه لا يرضى بأن يحبس لنفسه أكثرها ويبقى أقلّها » (١).
وما ذهب إليه السيّد خلاف ظاهر كلام الموصي ، فقد أناط التصدّق بما يحبّه الوصي.
ومن غرائب ما روي ـ والذي هو إلى الخيال أقرب منه إلى الواقع ـ أنّ امرأة تركت طفلا ابن ستّة أشهر ، فمشى يحبو حتى خرج إلى السطح ، وجلس على رأس الميزاب ، فجاءت امّه إلى السطح فما قدرت عليه ، فجاؤوا بسلّم ووضعوه على الجدار فما قدروا على الطفل من أجل طول الميزاب وبعده عن السطح ،
__________________
(١) عجائب قضاء الإمام عليهالسلام : ٧٠.