استودع رجلان أمانة عند امرأة من قريش ، وقالا لها : لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه حتى يكون معه ، فلبثا حولا فجاء أحدهما فقال لها : إنّ صاحبي قد توفّي فادفعي لي الأمانة ، فأبت من دفعها إليه وقالت : إنّكما شرطتما عليّ أن لا أدفعها إلى واحد منكما حتى يكون معه صاحبه ، فأخذ يتضرّع إليها ويتوسّل حتى استجابت له ، ودفعت إليه الأمانة ، وبعد حول جاء صاحبه فطالبها بالأمانة فقالت له : إنّ صاحبك زعم أنّك قد متّ فدفعتها إليه ، فخاصمها إلى عمر بن الخطّاب ، فقالت له : انشدك الله أن ترفعنا إلى عليّ ، فرفعهما إليه ، وعلم الإمام أنّها مكيدة ، فقال له :
« أليس قد قلت مع صاحبك أن لا تدفعها إلى واحد منكما دون صاحبه؟ ».
فقال : نعم.
فأجابه الإمام :
« مالك عندي ، قم وأحضر صاحبك حتّى أدفعه لكما » (١).
فانهزم الرجل وولّى خائبا ، وهذا غاية ما يتصوّر من الذكاء والعبقرية في تفرّس الإمام وقضائه.
رفعت إلى عمر امرأة حامل قد زنت فأمر برجمها ، فانبرى الإمام عليهالسلام منكرا عليه هذا الحكم قائلا :
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٢ : ٣٧٠. من لا يحضره الفقيه ٣ : ١٠. عجائب أحكام أمير المؤمنين عليهالسلام : ٦٣ ، نقلا عن الأذكياء ـ ابن الجوزي : ٣٢.