ومن هذه البادرة وغيرها ممّا اثر عن أئمّة الهدى عليهمالسلام استمدّ الإماميّة في ما يفتون ويقضون به في مسائل القضاء.
عمد أربعة أشخاص إلى شرب الخمر ، فلمّا فقدوا رشدهم تضاربوا بالسكاكين ، فألقت الشرطة القبض عليهم ، فأمر الإمام بحبسهم حتى يفيقوا ، فمات منهم في السجن اثنان ، وبقي منهم اثنان ، فجاء أقارب الميّتين إلى الإمام ، وطلبوا منه أن يقتل الشخصين الباقيين ، فقال لهم الإمام :
« ما علّمكم بذلك؟ لعلّ كلّ واحد منهما ـ أي من المقتولين ـ قتل صاحبه » ، فقالوا لا ندري ، فاحكم بما علّمك الله ، فحكم عليهالسلام بأنّ الدية على قبائل الأربعة بعد مقاصة الحيّين منهما بدية جراحهما.
وعلّق الشيخ المفيد على ذلك بقوله : كان ذلك هو الحكم الذي لا طريق إلى الحقّ في القضاء سواه ، ألا ترى أنّه لا بيّنة على القاتل تفرده من المقتول ، ولا بيّنة على العمد في القتل ، فلذلك كان القضاء فيه على حكم الخطأ في القتل واللبس في القاتل دون المقتول (١).
سبح ستّة أشخاص في حوض الفرات فغرق أحدهم ، فشهد اثنان منهم على الثلاثة أنّهم أغرقوه ، وشهد الثلاثة أنّ الاثنين أغرقاه ، فقضى الإمام عليهالسلام بالدية أخماسا على الخمسة نفر ، ثلاثة منها على الاثنين بحسب الشهادة عليهما ، وخمسان على الثلاثة بحسب الشهادة أيضا.
__________________
(١) عجائب أحكام أمير المؤمنين عليهالسلام : ٧٣.