تبارك وتعالى. فتالله إن كذبك قومك يا محمد ، فلست بأول مكذّب كذبه قومه ، فلقد أرسل الله رسلا كثيرين إلى أقوامهم ، فأقاموا الأدلة الواضحة على صدق رسالتهم ، فكذبهم قومهم كما فعل قومك ، فانتقم الله ممن كذبهم وعارضهم ، ممن أجرم وجنى على نفسه ومجتمعة ، وهذا هو الذي يحصل من كل مكذّب عاص ، ونجى الله أهل الإيمان ، وكان حقا مستحقا على الله تحقيق النصر للمؤمنين ، العاملين بمقتضى إيمانهم.
أما كيفية إنزال الأمطار : فهي أن الله سبحانه يرسل الرياح على وفق إرادته ومشيئته وحكمته ، فتحرك السحب أو الغيوم المنعقدة من ذرأت بخار الماء ، فتنتشر في السماء كيف يشاء الله ، ثم يجعلها قطعا متفرقة ذات أحجام مختلفة ، خفيفة أو كثيفة مشبعة بالرطوبة ، فترى أيها الناظر كيف يخرج المطر من وسط السحب ومن خلالها المختلفة ، وإذا أصاب الله بها من يشاء من العباد إذا هم تغمرهم البهجة والفرحة ، والاستبشار بالخير والنعمة السابغة.
وإن كان الناس من قبل نزول هذا المطر قانطين يائسين من نزوله ، لتأخر المطر ، وبطء نزول الغيث ، فتغمرهم رحمات الله تعالى وأفضاله العديدة.
فانظر أيها الرسول ومن آمن برسالتك نظرة تأمل إلى آثار رحمة الله السابغة ، كيف يحيي الأرض بالنبات والزرع والشجر والثمر والعشب بعد الجفاف ، مما يدل على سعة رحمة الله وإحسانه.
إن الذي أنزل المطر وأنبت النبات قادر على إحياء الأموات ، كإحياء الأراضي بعد يبسها بالخضرة ، والله تعالى تام القدرة على كل شيء ، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، والبدء والإعادة سواء عنده. وقد تكرر هذا المعنى في القرآن الكريم ، مثل قوله تعالى : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ