لرسالته من يريد ، ويجعل فيه المصلحة ، وليس الاختيار للناس في هذا ونحوه ، كما أنه تعالى هو الذي يختار الأديان والشرائع ، وليس لأحد الميل إلى الأصنام ونحوها في العبادة.
واختيار الله تعالى مبني على علم صحيح ثابت ، فهو يعلم ما تنطوي عليه الصدور ، وما يعلنه الناس من الأقوال والأفعال.
وعلمه تعالى صادر عن قدرة شاملة وسلطان نافذ ، فهو المتفرّد بالألوهية ، فلا معبود سواه ، وهو القادر على كل الممكنات ، المنزه عن النقائص والعيوب ، المستحقّ للحمد والشكر والعبادة ، المحمود في جميع ما يفعله في الدنيا والآخرة ، له القضاء النافذ في كل شيء ، وإليه مرجع جميع الخلائق في القيامة.
وأدلة قدرة الله تعالى على كل شيء كثيرة ومتنوعة ، فقل أيها الرسول لكل من أشرك بالله إلها آخر : أخبروني إن جعل الله وقتكم كله ظلاما دامسا ، وليلا دائما متتابعا إلى يوم القيامة ، من الإله المتألّه غير الله يتمكن من الإتيان بضياء النهار ، أفلا تسمعون ذلك سماع تعقّل وتأمّل؟!
وقل أيها النّبي أيضا : أخبروني إن جعل الله زمنكم كله نهارا دائما ، ونورا متّصلا إلى يوم القيامة ، دون أن يعقبه ليل ، من الإله الذي يستطيع أن يأتيكم بليل ، تسكنون فيه سكن الراحة والاطمئنان ، أفلا تبصرون هذه الظاهرة الدالة على القدرة الإلهية التامّة؟!
إن من رحمة الله تعالى بكم أيها الناس تعاقب الليل والنهار ، وتفاوتهما ، لتجعلوا الليل مجالا للراحة والسكن النفسي ، والنهار مجالا للتبصّر وتحصيل المنافع ، وكسب المعايش ، وابتغاء الرزق والفضل الإلهي ، والتنقّل من مكان لآخر ، وقضاء الحاجات ، فتشكروا الله تعالى بأنواع العبادات على ما يسّر لكم.