نعم لا يشترط ورود المحكوم مقدماً على الحاكم ، بل المقوّم ، لكون الدليل حاكماً كونه ناظراً وشارحاً ومفسّراً ، لا بخصوص اللفظ ، بل بنظر العرف عند المقايسة بينهما.
وبذلك يظهر الخلل في ما أفاده المحقّق النائيني (رحمهالله) في تعريف الحكومة حيث اشترط التقدّم الزماني للمحكوم والتأخّر كذلك للحاكم ، قال : إنّ الحكومة تتوقّف على ورود المحكوم أوّلاً ، ثمّ ورود الحاكم. وذلك لأنّه مسوق لبيان حكمه ومتفرّع عليه ، بخلاف التخصيص الذي هو أحد أقسام التعارض. (١)
لأنّه لو تمّ ، فإنّما يتمّ في أمثال «لا شكّ لكثير الشكّ» أو «لا ربا بين الوالد والولد» لا في مثل حكومة الأمارات على الأُصول على القول المشهور بين المتأخّرين ونظائرها.
ثمّ التفسير تارة يكون بالتصرّف في عقد الوضع ، وأُخرى بالتصرّف في عقد الحمل. ولكل ـ في بادي النظر ـ قسمان. لأنّ التصرّف تارة يكون بالتضييق ، وأُخرى بالتوسيع.
أمّا الأوّل ، فكقوله : «لا ربا بين الوالد والولد» ، فانّه حاكم على أدلّة حرمة الربا. ولو لا تشريع حكم في الربا ، لكان تشريع الدليل الحاكم لغواً. ومثل قوله : «ما جعل عليكم في الدين من حرج» ، بالنسبة إلى الأحكام المنتهية إلى الحرج أحياناً. والفرق بينهما ، أنّ الأوّل تصرّف في عقد الوضع على حسب الظاهر ، والآخر تصرّف في عقد الحمل ، أي الأحكام المحمولة على العناوين الأوّلية كوجوب الوضوء إذا صار حرجياً.
أمّا الثاني ، فالتوسيع من جانب الموضوع متصوّر معقول ، مثل قوله : «الطواف بالبيت ، صلاة» بالنسبة إلى قوله : «لا صلاة إلّا بطهور». فانّ الدليل الثاني
__________________
(١) قاعدة لا ضرر للخوانساري ، ص ٢١٤.