ثمّ إنّ المحقّق النائيني (قدسسره) استدل على عدم الشمول بوجه آخر ، وهو أنّ الالتزام بالشمول يستلزم تأسيس فقه جديد ، لأنّه :
١ ـ لو وجب تدارك كل ضرر ، فلو كان هناك انسان صار سبباً له ، فالضمان عليه ، وإلّا فمن بيت المال.
٢ ـ يلزم كون أمر الطلاق بيد الزوجة لو كان بقاؤها على الزوجية مضراً بها ، كما إذا غاب عنها زوجها أو لم ينفق عليها لفقر أو عصيان ... ولا يمكن إثبات الولاية للحاكم الشرعي بالقاعدة لأجل أنّ عدم ثبوت الولاية له ضرر على الزوجة. مضافاً إلى أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الطلاق بيد من أخذ بالساق» ظاهر في أنّ رفع علقة الزوجية منحصر في طلاق الزوج إلّا في بعض الموارد يكون بيد الغير ، كولي المجنون والمعتوه.
٣ ـ لو كان لقاعدة نفي الضرر مجال في هذا المورد وكل ما كان من هذا القبيل كالعبد الواقع تحت الشدة لكان مقتضاها رفع بقاء علاقة الزوجية وعلاقة الرقية ، والمفروض أنّهم لا يلتزمون بذلك بل يجعلون طلاق الحاكم نازلاً منزلة طلاق الزوج ، وهذا مرجعه إلى إثبات الحكم بقاعدة نفي الضرر ، وقد عرفت أنّ لازمه أن يتدارك ضرر كل متضرّر إمّا من بيت المال أو من مال غيره وهذا فقه جديد. (١)
ولا يخفى عدم لزوم ما تصوّره من الفقه الجديد.
أمّا الأوّل : فلأنّ الضرر لو كان مستنداً إلى حكم الشرع ، أو فعل الإنسان ، فالالتزام بلزوم التدارك لا يلزم منه شيء. وأمّا إذا لم يكن مستنداً إلى أحدهما ، كالسيل والزلزلة فالحكم بلزوم تداركه من بيت المال لا وجه له. لأنّ القاعدة لا تخبر عن التكوين حتى يحاول تصحيحها بلزوم التدارك ، بل هي اخبار عن عدم الضرر لغاية النهي عنه تكليفاً ووضعاً ، وأنّه لو أضرّ يحرم ولا يكون جائزاً وماضياً. وأين هو من لزوم الجبر من بيت المال إذا لم يستند إلى الشارع أو المكلّف.
__________________
(١) رسالة قاعدة لا ضرر ، للخوانساري ، ص ٢٢١.