إنشاء الاباحة إذا كان المورد فيه اقتضاء التساوي لا الاخبار عن عدم الجعل والانشاء ، غاية الأمر أنّ بعض الأحكام تحتاج إلى البيان والتعريف ، والبعض الآخر يكفي فيها عدم بيان الإيجاب والتحريم.
وبالجملة : ففي مورد تفويت منافع الحر وعدم بذل النفقة ، ومورد جعل العبد تحت الشدة ، إمّا أن يكون هناك حكم شرعي ، من الحكم بالضمان أو البراءة ، أو جواز الطلاق أو عدم جوازه ، أو جواز عتقه أو عدمه ، أو لا يكون. وعلى الأوّل يكون مرجع الأحكام إلى أحكام وجودية ، وعلى الثاني ، أعني ما لا يكون هناك حكم فهو يخالف الأصل المسلم عليه بين المسلمين ، إذ ما من فعل إلّا وله حكم في الإسلام.
وبذلك يظهر ضعف ما أفاده المحقّق النائيني فإنّه جاء بما ذكره الشيخ بعبارة ثانية وقال :
«إنّ قاعدة لا ضرر ناظرة إلى نفي ما ثبت بالعمومات في الأحكام الشرعية ، ومرجع مفادها إلى أنّ الأحكام المجعولة إذا نشأ منها الضرر فهي منفية ، وعدم الحكم بالضمان ليس من الأحكام المجعولة.
وبعبارة أُخرى ، لو كان الحكم المجعول هو عدم الضمان ، فإذا نشأ منه الضرر لقلنا بارتفاعه. وأمّا إذا لم يكن هناك جعل أصلاً ، فلا يمكن أن تكون قاعدة لا ضرر حاكمة على ما ليس مجعولاً ، فانّ ما ليس مجعولاً لا يستند إلى الشارع». (١)
يلاحظ عليه :
أنّ تفويت منافع الحرّ يجب أن يكون محكوماً بحكم ، من الضمان أو البراءة منه ، ولا يصحّ للشارع الحاكم ، السكوت وعدم الحكم بشيء ، والأوّل منهما هو المطلوب وأمّا الثاني فحكم ضرري.
__________________
(١) قاعدة لا ضرر للخوانساري ، ص ٢٢٠.